المحامي عبد الحسين الظالمي ||
عاش العراق فترات مظلمة كان اشدها ظلمة
فترة ما بين عام ١٩٨٠ وعام ٢٠٠٣ خصوصا عقد التسعينات الذي عان فيه العراق كل العراق معانات شديدة حيث تراجع العراق عقود الى الوراء بحيث بات تحصيل لقمة العيش البسيطة مشكلة يعاني منها اغلب العراقين ناهيك عن تدمير البنى التحتية في جميع مفاصل الدولة وهذا الدمار لم ينحصر فقط في الجانب المادي اذ ترك اثار نفسية واخلاقية وسلوكية غيرت كثير من قيم وتقاليد المجتمع العراقي ..وصدق رأس النظام انذاك عندما قال (من يريد ان يستلم العراق عليه ان يستلمه تراب ).
اما بعد التغير في عام ٢٠٠٣ وانفتاح العراق سياسيا واقتصاديا مما ادى الى اغراق السوق العراقي اقتصاديا بشتى السلع وكذلك اغرق العراق بافكار وسلوكيات صاحبت دخول التكنلوجيا المتطورة ومنها السيارات والاجهزة الحديثة وغيرها من الكماليات حتى غير الضرورية وخصوصا اجهزة الاتصال ومع تطور
برامج هذه الاجهزة ووجود دولة محتلة و دول مجاورة وفئات من الداخل تضررت من عملية التغير و لم يرق للبعض منها تطور العراق ووجود نظام سياسي ديمقراطي قد يختلف فكريا عن محيطه الاقليمي مما جعل البعض منهم داخليا وخارجيا يرصدون كل ماهو سلبي ويتجاهلون بل يشوهون كل ماهو ايجابي مما جعل البعض يرصد الاموال طائلة ويجند فئات ضالة لهذا الهدف وقد كلفت عشرات من القنوات والمواقع لرصد وتضخيم كل ماهو سلبي
بحيث اصبح الفضاء العراقي مادة اعلامية دسمة لكل هذه المواقع والقنوات مع تجاهل متعمد لكل ماهو ايجابي ومما ساعد هذا المواقع والقنوات المواد الدسمة التي كانت تثيرها القنوات المحسوبة على العملية السياسية في العراق فيما بينها ضمن مسلسل التسقيط السياسي للشركاء بعضهم البعض والتنافس الانتخابي الذي اعتمد
كل وسائل النيل من الاخر ومن مبدء (من فمك ادنينك ) استفاد المحرضون من هذه الاجواء بحيث تشكلت سحابة كبيرة من الجانب السلبي
سرعان ما تطورت الى ظاهرة ومعلم من معالم العراق ما بعد ٢٠٠٣ فلا وجود لشىء من التطور
ولا وجود للامن والشعب لازل ياكل كما كان في التسعينات والفقر قتل الملاين والمتسولين يملؤون الشوراع فلا طب ولا شوارع والا مدارس
ولا متنزهات فالعراق يصور على انه بلد الجحيم ، فالبعض يصوره لبلد لايصلح للعيش
وربما ساهم الاغلب الاعم من ابناء الوطن في رسم هذه الصورة السلبية فالكل يتغنى ان العراق بلد الاربعين حرامي والفساد سيد الموقف والفقر هو الصفة العامة رغم ان عدد السيارات التي تجوب الشوارع بلغ ثمان عشر مليون سيارة حسب اخر احصائيه للمرور والشوارع تغص باحدث السيارات والمحلات والاسواق عامره ، وما الحديث عن اجهزة الموبايل فالعراق يتصدر بلدان المنطقة بحجم استيراد الانواع الحديثة والمختلفة حتى اصبحت محلات هذا النواع تغزوا حتى الريف فيما لم يسلط الضوء على الشوارع الجديدة والمدارس والاحياء السكنية
وعدد الموظفين الذين فاقة نسبتهم الى عدد السكان نسبة الصين واليابان الى سكانهم ناهيك عن الرعاية الاجتماعية وصناديق التكافل الاجتماعي واعدد المسافرين العراقين الى دول العالم منها دول الجوار لاغراض السياحة الدينية والعلاج والترفيه والدراسة ومئات الحامعات والمعاهد والمدارس الاهلية التي تعني ان هناك انفاق كبير في هذا المجال وكل هذا شاهد على ارتفاع القدرة الشرائية للمواطن
نعم قد يكون العراق وابنائه يستحقون اكثر من ذلك فالعراق غني ولكن هناك من بدد امواله بقصد وبدون قصد ونظرة بسيطة لعقد الثمانيات
( حرب الثمان سنوات ) عقد التسعينات ( حرب الكويت وتداعياتها الكارثية ) ( حرب الاحتلال والتغير من ٢٠٠٣ الى ٢٠١٠ ) مع الحرب الاهلية والتفجيرات والقتل على الهوية واخرها ( حرب داعش ) ومن ثم ازمات كروونا والاضطراب السياسي كل هذا والعراق يبني ويعمر ويمنح رواتب ، نعم قد تكون الوتيرة بطيئة ويشوبها الكثير من التقصير نتيجة الخلافات السياسية
ولكن اي دولة في عالم تعيش الاوضاع التي عاشها ويعيشها العراق منذ الثمانيات ( من مجموع ٤٠ سنه منها ٣٥ سنه حرب مباشره او شبه مباشرة )
اي دولة يمكن ان تصمد مع كل هذا الهدر بشريا وماديا ؟ من يتصور ان العراق يجب ان يكون سويسرا فهو مجرد يعيش حلم ومن يقارن العراقي بدبي علية ان يسلط على دبي واحد بالمئه مما سلط على العراق وعندها يحكم .
للاسف استطاع الاعلام المعادي واعلام الخصوم الشركاء من خلق راي عام جمعي يعيش السلبيه والنقد الهدام ورسم صور سوداء عن الاوضاع
واصبح الحديث السلبي والنقد والتجريح في مختلف الوسائل سبب مايسمى (الطشة ) امثال ولايك بطيخ وبرنامج احمد بشير وبرنامج بصراحة وعشرات من البرامج التي تعصف ذهن المواطن يوميا حتى اصبح البرنامج او الخطبة او المقال اذا لم يتضمن نقدا سلبيا لم يعد مقبولا و من يتحدث عن اي جانب ايجابي او يذكر بالواقع فهو معرض لتهجم وربما الاتهام، وقد شاهدت بعض المواكب يتكلم فيها الخطيب كلاما
ما انزل الله به من سلطان والناس في حالة استماع .اما جدل المحللين السياسين في القنوات فحدث والاحرج فقد اصبح هذا الجدل تجارة او ربما زلفى .
حتى ان البعض تجاسر في المغالات ليصف الزمن
الماضي بالزمن الجميل ذلك الزمن الذي ياكل فيه الانسان طحين نوى التمر وتدفن فيه الشباب احياء والشخص يخاف من ظله ، والذي يملك سيارة برازيلي من الطبقة المتوسطة او سيارة سوبر فهذا ملك زمانه .عجيبه
للاسف اصبح حتى الناس الطيبة والمخلصة للوطن اصبحوا وسطا ناقلا للجانب السلبي
بدلا من اشاعة الامل، الكل بقصد او بدون قصد
طلما يحمل جهاز اتصال فهو يحمل معول لتدمير ما يستطيع تدميره من سمعة هذا البلد تحت اسباب شتى اذا اصبحت عبارة ( شنو الذي سوه من السقوط الى الان ) وكأن كل هذا النمو والتطور كان موجودا زمن الهدام ومن اتوا بعده هدموا ما كان مبني ! اما اليوم والفضل يعود فقط لزيارة الاربعين التي جعلت العالم يرى وجها اخر للعراق ليوصف اكرم بلد بالعالم في مفارقة عجيبة في تناقض الاعلام الاصفر وافعال العراقين .
نعم كان المفروض ان تستغل هذه السنوات والموارد للبناء والتطور اسرع مما هو موجود
وكان المفروض ان تبذل جهود اكبر وحرصا اكبر على كل دينار من موارد البلد من اجل البناء ولكن ليس كل مايعرف يقال ولا كل ما يتمنى المرء يدركة ،والدول التي عاشت تكرار الحرب عانت اسوء مما يعاني العراق ،
والذي في الملعب غير الذي على المدرجات
ولكن تبقى سمعة العراقي هي من سمعة بلده الذي يجب ان يدافع عنه مهما كانت الاسباب
رحم الشاعر ( بلادي وان جارت عليه عزيزة واهلي وان منوا ( شحوا ) عليه كرام). حب الوطن من الايمان يتجسد بنقل الحقائق الايجابية والسلبية
بكل صدق واخلاص ، وليعلم الكل ان هناك ايادي مخلصة تبني رغم كل مايقال وسوف يبقى العراق شامخا مهما صنع الاعداء والخصوم والمشككين وسوف يغادر الفاسدين والنفعيين والظلاميين مثل ما غادر اسلافهم وسوف يبقى العراق بلد الرافدين شامخا في سمعته وتطوره.