صبيح المرياني ||
صدمني جاري ذلك الرجل الكبير في السن عندما رآني امازح ولدي ذو الستة عشر عاما وهو أقرب مني كصديق وليس كأبن فقط، وذلك عندما قال لي خفف من عاطفتك واياك ان تتعلق أكثر بأولادك؟ ما دمت في العراق فعليك ان تفكر في كل شيء واولها الفراق؟
انتابني الذهول واخذت افكر عميقا في هذه الكلمات وتذكرت انه كان لهذا الرجل ولدان أحدهما استشهد في الطائفية سنة 2006 والأخر لحقه بعد عامين بتفجير إرهابي وهو ذاهب الى جامعته.
وبدا لي انه يريد القول اننا نعيش في بلد ليس فيه سوى الاستنزاف، نعم فقد استنزفت سنين اعمارنا بلا فائدة تذكر، ثم استنزفت صحتنا بعد ان فقدنا فيه الكثير من الاهل والأحبة، وها هو اليوم يستنزف امننا شيئا فشيئا.
فأي بلد هذا الذي نغفو ونصحو فيه على متغيرات لم نكن نتوقع قسوتها، أي بلد ذاك الذي فيه الحلم والتفاؤل ممنوع ولك ما تريد من الكوابيس وقصص التشاؤم فحصتك منها مضمونه حد الاختناق والموت.
واياك ثم إياك ان تحلم بان هناك غد مشرق، فحتى الشروق استنزفه الظلام، ذاك الظلام الذي قال عنه الجواهري انه الاجمل في بلادي. فهو لم يعش في زماننا المظلم كي يرى معنى الظلام، واي ظلام نعيش فيه .
نعم نحبك يا عراق. لكن هل هذا هو جزاء من يحب، يعيش فيك ما بين شد وجذب، اما آن الأوان ان يصحوا قادتك من غفوتهم وينظروا الى أين وصلوا بنا؟ اما تكفيهم دماء الطائفية والاحزمة الناسفة والسيارات المفخخة؟ ليبدأوا مرحلة جديدة شعارهم فيها:(كلٌ يهتم بنفسه)، "فبقاء أحبتكم معكم امر غير مضمون، فقد استوردنا لكم ماكينة استنزاف رخيصة تعمل بكفاءة عالية وسرعة فائقة أفضل مما تتصورون ففيها من النهايات ما لا يخطر على بال منكم ابدا " !!! .
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha