المقالات

معاوية وعسلنة القتل بالسم..!

1707 2022-08-24

الشيخ الدكتور باسم العابدي ||   الجميع يعرف ان القتل بالسم وسيلة قديمة ابتكرها الانسان للقضاء على اخيه الانسان صالحا كان ام طالحا فهي ليست من ابتكارات المسلمين الذين اعجبوا بمعاوية ونافحوا وكافحوا لتبييض صحائفه السود الا ان هؤلاء المسلمين الذين اتخذوا من معاوية اماما وقدوة يحق لهم ان يفخروا ببعض المناقب لسيدهم معاوية بن ابي سفيان ومنها انه هو من صبّ طريقة القتل بالسم في قالب لفظي وادبي وشرعي فليس لدى معاوية مايفتخر به الا هذه المنقبة , نعم هناك منقبة اخرى يمكن للمسلمين الذين يتخذون من معاوية خليفة لهم وخالا لاولادهم ان يفخروا بها ايضا , وهذه المنقبة هي دعاء الرسول صلى الله عليه واله عليه بقوله: (لا اشبع الله بطنه) ( صحيح مسلم: 4: 2010) فهذا الدعاء من الرسول صلى الله عليه واله يعدّه المسلمون الذين اتخذوا معاوية اماما واسوة منقبة له , يقول الذهبي: (( لعل هذه منقبة لمعاوية)) ( تذكرة الحفاظ:2: 195).  وبالعودة لقاعدة معاوية التي ينبغي للمسلمين الذين اتخذوا من معاوية مرجعية دينية وشرعية واخلاقية ان يفتخروا بها ( ان لله جنودا من عسل), فقد قالها بعد قتله لمالك الاشتر بالسم وهو مما لايمكن انكاره والتمويه عليه فقد تبارت المدونات التاريخية على ذكره وتدوينه يقول ياقوت الحموي: (((ان الأشتر مات بالقلزم في طريقه إلى مصر، وكان عليّ، رضي الله عنه، وجّهه أميرا، فيقال إنّ معاوية دسّ إليه عسلا مسموما فأكله فمات بالقلزم، فقال معاوية: إنّ لله جنودا من عسل)) ( معجم البلدان: 1: 454).  وذكره (( ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق: 56: 389 , إبن كثير: البداية والنهاية:7 : 346 , البخاري في التاريخ الكبير:7: 311)). الى هنا والامر ليس مثيرا وغريبا  ان يصدر من معاوية مثله لكن هناك امرا اخر اكثر اثارة وهو التمهيد لعملية القتل وتهيئة الجو الفكري والنفسي للشعب الشامي لابقائهم في دائرة الجهل والغباء يقول الطبري: ((أقبل مُعَاوِيَة يقول لأهل الشام: إن عَلِيًّا وجه الأَشْتَر إِلَى مصر، فادعوا اللَّه أن يكفيكموه قَالَ: فكانوا كل يوم يدعون اللَّه عَلَى الأَشْتَر)) ( تاريخ الطبري: 5: 96). وبعد ان تم تنفيذ الجريمة وتخلّص من مالك الاشتر بدأ العمل بالصفحة الثانية بالايحاء للشاميين انهم مستجابوا الدعاء وان الله استجاب دعائهم فقتل مالك الاشتر فقال لهم:  ((أبشروا فإن الله تعالى قد أجاب دعاءكم وكفاكم الأشتر وأماته، فسروا بذلك واستبشروا به)) ( المفيد: الامالي: ص82). وهذا يعني ان معاوية خطط ونفذ عمليتي اغتيال: الاولى: دس السم المادي لمعارضيه الذي استتبعه قتلهم جسديا وماديا ومنهم مالك الاشتر.  الثانية:  دس السم الفكري لمناصريه وهذا الذي قتل به ارواحهم واغتال عقولهم وجعلهم سكارى وكانوا كذلك كما انه يرى انهم كذلك حتى نقل عنه استهزاؤه بهم وسخريته منهم وقوله مخاطبا احد انصار امير المؤمنين عليه السلام: ((أبلغ علياً أني أقاتله بمائة ألف ما فيهم من يفرق بين الناقة والجمل)) ( المسعودي: مروج الذهب: 3 : 31).  فالدعاية تؤدي الى الموت الفكري الذي هو اكثر ضراوة وخطرا من الموت الجسدي اذ ان عملية تسميم الافكار تؤدي الى قتل شعوب باكملها وجعلها في سبات دائم وخدر مستمر فلا تعرف مقدراتها ولا تجد الطريق الى سموها ورفعتها وكرامتها يقول غوبلز: ( يمكنك عن طريق الغازات السامة ان تقتل الاف الناس ولكن عنك عن طريق كذبة محبوكة ان تسمم ملايين العقول). لم يغلق بموت معاوية ملف المواد السامة واستعمالاتها ضد البشر لاسيما الاخيار الذين اوصى بهم الرسول صلى الله عليه واله ونقل القران الكريم وصيته في قوله تعالى: { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (الشورى: 23) , فبعد ان استعمل معاوية سمه الممزوج بعسل الخديعة ضد مالك الاشتر وهو ذراع امير المؤمنين علي بن ابي طالب ووزيره الامين واحتفظ ابناء معاوية واحفاده وابناء عمومته بهذا السلاح ( السم) ليستعمله الوليد وهشام ابنا عبد الملك بن مروان بعد سبعة وخمسين عاما على شهادة مالك الاشتر ضد حفيد امير المؤمنين الامام زين العابدين عليه السلام حيث قتل الامام السجاد مسموما على ايدي خلفاء معاوية.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك