محمد حسن الساعدي ||
التظاهرات التي انطلقت في تموز الماضي، حاول منظموها إظهارها كإحتجاجات السادس من كانون الثاني، التي جرت في أمريكا، حينما أمر الرئيس الأمريكي آنذاك "ترامب" أتباعه المتطرفين باقتحام مبنى الكابيتول بعد خسارته الانتخابات..
ما يسمى بالثورة العفوية الشعبية التي انطلقت إلى البرلمان العراقي، ودخوله من ٌقبل أتباع التيار الصدري جائت كمحاولة للمحافظة على نفوذهم في العراق، وإبقاء حكومة السيد الكاظمي، خصوصاً وأنهم اوغلوا أكثر فأكثر في الدولة ومفاصلها جميعاً، لذلك سعى بكل قوة من أجل تحجيم دور منافسه الإطار التنسيقي، الذي كان هو الآخر يمتلك النفوذ والقوة في داخل مفاصل الدولة ومؤسساتها، ما جعل حالة الصراع السياسي فيما ينهما تستعر أكثر فأكثر..
التظاهرات التي تدفق فيها الآلاف من أتباع السيد مقتدى الصدر، داخل المنطقة الخضراء والتي توجد فيها المؤسسات الدستورية المهمة(البرلمان،المحكمة الاتحادية،المحكمة الاتحادية العليا، والسلطة القضائية) وغيرها من مؤسسات دستورية عليا، ودخولهم لها دون أي مقاومة تذكر من قبل القوات الأمنية، والتي يبدوا انها سهلت لهم دخولها بكل سهولة..
الأزمة الحالية تعد من أعقد الأزمات السياسية التي تمر بها البلاد،لان المواقف أخذت بعداً آخر، غير الذي خرجت من أجله، وتطور سقف المطالب من تغيير النظام السياسي وتعديل الدستور، نحو حل البرلمان وإجراء أنتخابات مبكرة، ومن ثم أنتهت بضرورة حل البرلمان مع بقاء القانون الانتخابي والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات نفسهما.. وهذا عكس عدم الثبات في المواقف السياسية للبعض، وأن القرارات المتخذة تأتي في أطار النوايا التي تريدها هذه القوى، بما ينسجم ومتبناها ومصالحها السياسية.
وفق القانون العراقي لايمكن تنفيذ كل هذه المطالب، إلا بعقد جلسة مجلس النواب العراقي ، وتشكيل حكومة قادرة على إجراء انتخابات مبكرة، ومن ثم الذهاب إلى تعديل الدستور، بما تتوافق عليه القوى جميعها.. لذلك أي عملية تغيير تتم عبر الشارع لن تكون دستورية وقانونية، وعلى الجميع السعي الجاد لتشكيل حكومة تؤدي مهامها الدستورية، والقيام بواجبها في إجراء انتخابات مبكرة، تعكس حالة الجمهور ومطالبهم المشروعة .
عملية كسر الإرادات التي تمارسها قوى سياسية على أخرى، لايمكنها إن تقدم شيئاً للعملية السياسية بل العكس صحيح، فكل من هذه القوى تمتلك قواعد جماهيرية، تؤهلها إن تمتلك المبادرة،لذلك على هذه القوى المتصارعة الوعي، إنها لايمكنها الذهاب إلى كسر الإرادات، لأنها لن تكون بمنأى منها، وستذهب بالبلاد والعباد الى المجهول..
في اقل الإحتمالات ستكون هي المتضرر الأول من الفوضى القادمة، ولنا في تجربة ترامب ودخول أتباعه الى الكونغرس الأمريكي "الكابيتول" وكيف أضطر صاغرا للإعتراف والقبول بهزيمة، هو نفسه ينكرها ويسكك فيها، لكن خطوة أتباعه التي هو دعمها وحرض علبها، جعبت الكل ينقلب ضده.. فليعتبر الخصوم من تجارب الاخرين.