د.أمل الأسدي ||
لا أدري كيف نشأ لدي هذا التصور، أو من صوّر لي هذا الأمر منذ الطفولة؟! كنت أتصور أن يوم" فرحة الزهراء"يوم مرتبط بالمختار الثقفي، وحين كانت أمي تزيح السواد وتغيره، وترفع الرايات عن مكانها، وتعيد ترتيب الأثاث كما كان قبل المجالس الحسينية، وذلك في يوم التاسع من ربيع الأول، كنت أظن أن هذا اليوم هو اليوم الذي ثأر المختار فيه من قاتلي الإمام الحسين(ع)؛ لذا سُمي بـ"فرحة الزهراء" واننا نفرح فيه لفرح الزهراء(ع)، وحين كبرت وتمكنت من البحث، علمت أن مناسبة "فرحة الزهراء" مرتبطة بالإمام الحجة (ع) ومع ذلك بقيت الفكرة الأولی تفرض سلطتها عليّ، الملفت في الأمر أن مقتل عمر بن سعد بن أبي وقاص كان في التاسع من ربيع الأول عام ٦٦هـ، قتله المختار الثقفي(رض)، وحين رأی الإمام السجاد(ع) رأس عمر بن سعد قال: (الحمد لله الذي أدرك لي ثأري من أعدائي، وجزى الله المختار خيرا )؛ لذا بقي لدي اسم المختار يرتبط بالبشارة والنصر والفرح، وماذا بعد قول الإمام الصادق(عليه السلام): (ما امتشطت فينا هاشمية، ولا اختضبت، حتى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسين) ؟!
ثم مسلسل المختار الثقفي الذي فرض سلطته علی المتلقي إلی حد المواظبة علی مشاهدته، وبالنسبة لي أصبح مهيمنا آخر يضاف إلی المهيمنات السابقة التي تخص المختار، فله سلطة علی التصور الذهني، فبمجرد أن يُذكر اسمه، ترتسم صورة البطل وملامحه ومنطقه، وتنادينا البشارة من أعماق السنين، ويركض النصر نحونا مناديا: تمسكوا بي!!
ويعلو الخطاب القرآني((وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ))
مهيمنا ثابتا، ويفرح السياق بتقديم خبر كان(حقا) معلنا حتمية النصر،ومبينا عظمة الجهة المتبنية لعملية تحقيق النصر للمؤمنين (علينا) وانظر الی فخامة الـ( نا) الممتدة نحو السماء،الدالة علی المتكفل بالدفاع عن الحق ونصرة المظلومين، فلاحظ التراتبية والتسلسل:
١- كان(الفعل المتحقق) ٢- حقا( موضوع الآية،الحتمية الواجبة التحقق،خبر كان مقدم) ٣- نصر المؤمنين( نصرُ المؤمنين: اسم كان مؤخر، وهو مضاف والمؤمنين: مضاف إليه) أي أن السياق أثبت الحتمية،ثم أورد الجهة المتكفلة، ثم بشّر المؤمنين بالنصر!
وهنا...لا يمكنني أن أتخيل شخص المختار الثقفي مجردا من دون نصرٍ وبشارةٍ آنية ومستقبلية!