د. علي الطويل ||
ذكرت روايات أصحاب المقاتل ان عبيد الله من ابن زياد أمانا للعباس وعبد الله وجعفر وعثمان بني أم البنين قبل يوم عاشوراء ، حيث عرض غلام عبد الله الأمان عليهم، فقالوا: أمان الله خير لنا من أمان ابن مرجانة. و تكرر المشهد في يوم عاشوراء كذلك،إذ أقبل شمر بن ذي الجوشن حتى وقف على معسكر الحسين (عليه السلام) فنادى بأعلى صوته: أين بنو أختنا عبد الله وجعفر والعباس وعثمان! بنو علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟
فقال الحسين (عليه السلام) لإخوته: أجيبوه وإن كان فاسقا فإنه من أخوالكم.
فنادوه فقالوا: ما شأنك وما تريد؟
فقال: يا بني أختي! أنتم آمنون فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين (عليه السلام)، وألزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد بن معاوية!
فقال له العباس بن علي: تبا لك يا شمر! ولعنك الله ولعن ما جئت به من أمانك هذا، يا عدو الله! أتأمرنا أن ندخل في طاعة العناء ونترك نصرة أخينا الحسين (عليه السلام)!؟
قال: فرجع الشمر إلى معسكره مغتاظا.
في هذا الموقف العظيم تجلت عظمة بصيرة ابي الفضل وشجاعته ووقوفه على المبدأ بابهى صورها، فهذه الوقفة هي وقفة الفارس الشجاع، الثابت الايمان والعارف بطبيعة عدوه، ، لقد سجل التاريخ هذا الموقف باحرف من نور، أصبح العباس صاحب البصيرة والإيمان، نبراسا لكل مجاهد في ساحات القتال حيث يثبت، عندما يبدل العدو الجبان، الذي يخشى المواجهة، القتال بالخديعة والمكر،
وظل هذا الموقف يتكرر في كثير من حوادث التاريخ عندما تدور دائرة الصراع رحاها بين الحق والباطل، فكم شخصية عظيمة لم تاخذ العبرة من موقف العباس عليه السلام فتخلت عن مبدأيتها بسبب انسياقها وراء الأمان الماكر الذي يمنحه الأعداء خبثا وخديعة،
واليوم يتكرر المشهد بوضوح تام ، فقد شخص الإمام الخامنئي، ان الشمر تجلى اليوم برئيس الوزراء الاسرائيلي، حيث راح هذا العدو يوزع صكوك الأمان الى حكام الأمة، مقابل تخليهم عن قضيتهم، بثمن ذلك الأمان الزائف، وما ميلهم للأمان، الا تزلزل ايمانهم وفقدانهم للبصيرة، فراحوا يطبعون الواحد بعد الآخر، ويتمسحون باقدام اعدائهم لعلهم ينجون ويسلمون،
فاين نجد العباس في هذا الزمن؟
يتجلى موقف العباس اليوم في الممانعين الرافضين للتطبيع والمهادنة مع الصهاينة، والثابتين على مبادئهم، الذين لايعطون بأيديهم إعطاء الذليل ولايقرون إقرار العبيد، ولم تضعف ثباتهم هرولة الناس لأمريكا وإسرائيل لطلب الأمان، بل زادتهم إيمانا وثباتا على الحق،
9/8/2022