المقالات

هل بعث يزيد من جديد!؟


عمر الناصر ||    كاتب وباحث سياسي    في فصل الصيف وعندما كنا صغار طالما استهوتنا فكرة حرب المياه، نتراشق بكل ما اوتينا من ادوات قابلة لحمل اكبر كمية منه ، حتى استغاثت حنفية الحديقة الامامية للمنزل، لم يردعنا صيف لاهب ولا ضربة شمس ولا تيفو ، بل وصل البعض منا لمرحلة التحول الى" هندي احمر" او فول سوداني بسبب كثرة تعرضنا لاشعة الشمس، لم نشعر حينها بقيمة تلك المياه كما هو الحال اليوم ، اذ انتقلت هذه العدوة والخلل المجتمعي من الافراد الى الحكومات التي لم تستطع الحفاظ على ثروتها المائية نتيجة الانظمة الكلاسيكية المتبعة في ادارة هذا الملف وغيره من الملفات الخطيرة. لقد سبق و تحدثت في اوقات سابقة بأن رفع تركيا شعار برميل نفط مقابل برميل ماء ربما يكون قد دخل حيز التنفيذ ،وأصبح قاب قوسين أو أدنى من التطبيق في ظل تحركات حكومية خجولة تكتفي بالتنديد ورسائل الاستنكار  ، على اعتبار كل من يريد أن يعرف تاثير قوة السيادة العراقية فلينظر إلى ثلاثة نقاط جوهرية ، كمية المياه الموجودة في نهر دجلة ، وخرق الاجواء الاقليمية وقصف المنشآت المدنية والعسكرية في داخل العمق العراقي، بالاضافة الى الاستخفاف بالقيادة السياسية لعدم وجود ارادة حقيقية تتخذ من التصعيد الدبلوماسي وسيلة للذهاب إلى مجلس الأمن الدولي . اهم سر من اسرار قياس قوة الحكومات يكمن في مدى قوة وتأثير اقتصادها ورصانة القرار السياسي الداخلي فيها ،الذي يعد المرأة العاكسة لجميع تعاملاتها الخارجية ، وواحدة من اهم واخطر الجزئيات التي يعتمد عليها اقتصادها هو ما يشكله ملف السياسة المائية من اهمية بالغة في رسم خطوط الانتعاش الاقتصادي ورفع الواقع المعيشي لاعلى المستويات، ولو اطلعنا على الوجه الحقيقي لقانون المياه سنجد ان الحكومة لا تتحمل لوحدها مسؤولية المحافظة على هذه الثروة النقية من الهدر والاسراف ،انما هي مهمة تضامنية بين المواطن بالدرجة الاساس والمؤسسات المعنية  ، على اعتبار اننا اليوم اصبحنا في صراع وحرب غير معلنة من اجل البقاء ،في ظل مواجهة خصم دولي يتمتع بالبعد الاستراتيجي الفائق ويتعامل بلغة الارقام وليست بلغة ال "الله بالخير وجبر الخواطر"، ولان سياسة التحكم بالمياه مشابه جداً لمبدأ التحكم الروسي بخطوط امداد غاز نورد ستريم ١، ٢ الذاهب الى اوروبا والقياس مع الفارق. من يود معرفة الحقوق التي لدى الدول والواجبات التي عليها في هذا الموضوع، فلينظر اولا الى الانهار التي تنقسم لقسمين الاول يطلق عليها الانهار الوطنية وهي التي يكون المنبع والمصب فيها داخل حدود نفس الدولة مثل نهر التايمز في بريطانيا ونهر السين في فرنسا، والأنهار الدولية التي يكون فيها المنبع من دولة ويكون المصب في دولة اخرى ، ودجلة والفرات والنيل والراين والدانوب مثالا لذلك وفقاً لاتفاقية برشلونة عام ١٩٢١ ، وحسب ما موجود فيها ان الدولة التي يمر فيها النهر لها الحق بالتحكم واستغلال ذلك الجزء الذي يمر في اراضيها ، ولكن على ان لايستخدم ذلك الحق بتعسف و ان لا يضر بمصلحة دول المصب ، لذلك تجد ان الدول دوماً تسعى للاحتكام الى القوانين والاعراف الدولية التي تنظم ملف المياه بين الدول المتشاطئة ، بعد ان ضمنت منظمة الامم المتحدة وضع مشروع اتفاقية المياه التي بدأت فيها منذ عام ١٩٧٠ ولم يتم إقرارها الا عام ١٩٩٧ ، بسبب انها كانت محل جدال ومشاكل ما بين الدول التي لديها ممرات ملاحة مشتركة ، اخذين بنظر الاعتبار ربما يصبح هذا الملف اخطر سلاح جيوسياسي تستغله دول المنبع للضغط على دول المصب ، وهذا ما لمسناه بالفعل من الجارتين تركيا وايران اللذان لم يكترثا للقوانين والمعايير الدولية الخاصة بالدول ذات الانهار المشتركة.  أصبحت حرب المياه إقليمية وبدأت الدول التي تنبع منها الانهار تستخدم ابشع انواع الوسائل لغرض تحقيق الاهداف الجيوسياسية ، بهدف جعل الدول المستفيدة أو التي تمر المياه في داخل اراضيها مثل دجلة والفرات تحت مطرقة املاءات دول المنبع ، لغرض التحكم بعصب مقدراتها واضعاف سيادتها لضمان بقاء ذلك كورقة ضغط سياسية تستخدمها وقت الحاجة ، وعليه بات من الملزم على دول المنبع الاقرار بحقوق دول المصب وعدم جواز اعتبار دول المنبع مالكه الانهار بشكل مطلق، على اعتبار بأن نهري دجلة والفرات هم انهار دولية تشترك فيها دول تركيا وسوريا والعراق كما يشترك النيل بأكثر من ١١ دولة منها تنزانيا واوغندا وراوندا والسودان ومصر .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك