ماجد الحدّاد ||
مرّ 1383 عام على واقعة الطف و ملحمة كربلاء الخالدة التي أستشهد فيها الإمام الحُسين بن علي و أهله و أصحابه و سُبيت عياله أسرى بين الكوفة و الشام ، فلم تندثر ثورته و تزول تضحياته و تمرّ ذكراه مرور الكرام أبدًا على العالم . فقد أستلهم الثائرين المعاني و العِبر من نهضته العظيمة و باتت كلماته و وقفته يوم العاشر تَهُز عرش الظالمين و تزلزل سلطانهم .
أَلّا إنَه كما وِظفَ (قميص عُثمان) لأغراض سياسية دنيئة لأجل السلطة و الحُكم ، - للأسف - فقد أُستُغِلت ثورة الإمام الحُسين (ع) لأغراض سياسية كثيرة عبر التأريخ و أبرزها (ثورة العباسيين) ضد الأمويين ، لعل من المثير أن نذكر هنا أن ثورة العباسيين كانت في جانب منها ضربًا من التجاوب مع شعار “يا لثارات الحسين” .
كان الشيعة ينجرفون مع كل موجة و يعملون للتمكين من قتلهم و إبادتهم بدون إدراك لذلك ، لأنهم دائمًا كانوا السُذّج و عديمي المعرفة الحقيقية لنوايا الأعداء الخبيثة ضدهم . فكانت تُقطع رقابهم مثل الكبش بسبب وعود مطمئنة من آل الزبير تارة ، و بين أن تملئ أجسادهم جدران قصور العباسيين تارةً أخرى ، و حتى يومنا هذا .
إن القضية الحسينية فريدة و نادرة لا يمكن أبدًا تكرارها أو تجسيد جزءًا منها ، فهي خاصة و محددة لرجل عظيم و إمام معصوم من البقية الباقية من أهل بيت النبوة و بقية آية التطهير و آية المودة و آية المباهلة و آية الإطعام و حتى سورة الفجر المباركة ، فلو كانت قابلة للإستنساخ لكانت قد كُتبت لأحد السادة الهاشميين مثل الشهيد زيد بن علي (رض) و الشهيد الحُسين بن علي صاحب فخ (رض) ، أو مضت قبله لأحد الأنبياء مثل يحيى بن زكريا (ع) .
إذًا القضية ليست مجرد صرخة بوجه الطغاة أو ثورة لأجل أهداف إنسانية عامة أو خاصة ، أو كيفية القتل و التضحية و الفداء . لقد كان منهج الإمام الحُسين (ع) هو أداء التكليف بغض النظر عن النتيجة ، فالإمام كان على علمٍ مسبق و إستعدادًا تام للشهادة من أجل القضية - مَن لحِقَ بي منكم أستشهد ، و مَن تخلّف لم يبلغ الفتح - .
و قد شخّص الإمام طريقة خروجه و نهضته - إنّي لم أخرج أشرًا و لا بطرًا و لا مفسدًا و لا ظالمًا- ، أي إنها لن تكون على طريقة طلحة و الزبير لأنه خروج من دون دواعي و مسوّغات صحيحة بل كانت طمعًا في المنصب و السلطة ، و لن تكون على طريقة معاوية حين تمرّد على علي (ع) ، لإن معاوية كان ظالمًا لهُ فالحسين ليس ظالمًا ليزيد أو دفعته مصالح و أحقاد شخصية (و حاشاه من ذلك) ، و لن تكون على طريقة الخوارج لأنهم كانوا مفسدين في الأرض رغم شعاراتهم الإصلاحية . - و إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي ، أريد أن آمر بالمعروف و أنهي عن المنكر ، و أسير بسيرة جدي و أبي علي بن أبي طالب … - ليس هناك شك أن فسادًا قد أصاب الأمة و ظلمًا في توزيع الثروات و عدم وجود نظام إسلامي و حاكمية للقرآن ، مع التمييز الطبقي و الغطرسة فضلًا عن أعظم مفسدة أصابت الأمة هي تحريف العقيدة و الأمر الذي وصل الى اللعن و البراءة و العداوة لعلي (ع) ، لهذه الأسباب فرض الدين الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و جعله أفضل جهاد ، و لا أحد يستطيع منافسة الحُسين في ذلك (لا الأولين و لا الآخرين) سائرًا على خطى جده و أبيه لإحياء الأمة
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha