عبد الرحمن المالكي ||
محرم هو الشهر الأول من السنة القمرية أو التقويم الهجري، وهو أحد الأشهر الأربعة الحرم، والتي لا يحبذ فيها المسلمون القتال.
سمي بهذا الاسم لكونه شهراً محرماً حسب ما ورد في ديننا الإسلامي, وقد اعُتبر هذا الشهر محرماً لأن العرب كانت تحرم فيه الحرب والإغارة، وقيل إنهم أطلقوا عليه هذا الاسم لأنهم تقاتلوا فيه فوقعت بينهم مقتلة عظيمة، فحرَّموا فيه القتال، وسَمّوه محرماً.
شهر محرم هو من الأشهر الحرم التي ذكرت في القرآن الكريم, وهي: محرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة, وفي هذه الأشهر، كانت تُقام الأسواق للتجارة، والشِّعر، وتبادل المنافع في كل من عكاظ والمربد وذي المجاز والمجنة, وكان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه فيه، فلا يهيجه تعظيماً لحرمة هذا الشهر, وكانت العرب تنسؤه (تؤخره) فتحرمه.
شهر محرم له عدة أسماء عند العرب قبل أن يُسمى باسمه الحالي، فقد أطلقوا عليه عدة أسماء, ومنها: ناتِق والمُؤْتَمِر؛ أي الذي يؤتمر فيه للتشاور أو طلبًا للنصيحة عما إذا كانوا يخوضون الحرب فيه أو يتركونها،
أما في التقويم الثمودي فكان اسمه موجباً, ولم تكن الشهور العربية تُعرف بالأسماء المعروفة اليوم، فقد عُرفت بأسماء أخرى.
لما استقر الرأي عام 17هـ على اختيار سنة الهجرة بداية للتاريخ الإسلامي، برزت معضلة؛ إذ كان على المسلمين أن يختاروا شهراً يبدأون به تقويمهم مثلما اختاروا سنة لهذه البداية, واقترح عمر، أن يكون هذا الشهر شعبان، واقترح بعضهم رمضان، إلا أن الرأي استقر في النهاية على العمل بمشورة عثمان بن عفان باعتماد المحرم بداية للسنة الهجرية على اعتبار أنه منصرف الناس من حجهم، وهو شهر الله، كما أنه هو الشهر الذي اختارته العرب بدايةً لسنتهم من قبل مجيء الإسلام وقد سماه الرسول بعد الإسلام شهر الله، وأُضيف إلى الله إعظاماً له وللدلالة على فضله وشرفه، كما قيل للكعبة بيت الله.
وقد قال الحسن البصري: ¸إن الله افتتح السنة بشهر حرام، فليس في السنة شهر بعد شهر رمضان أعظم عند الله من المحرم, وكان يُسمى شهر الله الأحم, من شدة تحريمه, واليوم الأول من شهر الله المحرم معظَّم لأنه غُرة الحول ومفتتح السنة الهجرية (رأس السنة).
وبداية السنة الهجرية الأولى يوافق يوم الخميس 15 يوليو عام 622م، وتُسمى هذه السنة سنة الإذن، أي الإذن للرسول وأصحابه بالهجرة من مكة إلى المدينة.
في رأس السنة الهجرية، تحتفل بعض الدول الإسلامية بذكرى الهجرة النبوية، فتعطل الدواوين الحكومية، ويُحتفى بهذه الذكرى في بيوت الله وعبر وسائل الإعلام المختلفة.
ومن مواسم هذا الشهر عاشوراء، وهو اليوم العاشر منه ومن السُّنة صيامه؛ و احياء ذكرى فاجعة وهي استشهاد الامام الحسين(عليه السلام) واهل بيته واصحابه حيث يعتبر يوم الحزن والبكاء على تلك المظلومية الكبيرة.
ايضاً, من الأحداث المهمة التي وقعت في هذا الشهر، قدوم الأحباش، أصحاب الفيل بقيادة أبرهة الأشرم إلى مكة لهدم الكعبة، وسُمي ذلك العام بعام الفيل وفي هذا الشهر، صُرفت القبلة إلى بيت المقدس في أول الإسلام، وظلت هكذا لمدة 16 أو 17 شهراً حُولت بعدها إلى الكعبة.
ايضاً, من الحوادث التي يقال إنها وقعت في هذا الشهر أن الله سبحانه وتعالى نجّى فيه نوحاً ومن آمن معه من الغرق، ورَفَع فيه إدريس فوق السماء الرابعة، وأَطْفَأَ نارَ النمرود عن إبراهيم، وردَّ إلى يعقوب ولده وبصره، وتاب على داود وجعله خليفة في الأرض، وردَّ على سليمان ملكه، وأنجى موسى وقومه من فرعون، وفيه رُفع عيسى إلى الله.
ــــــــــ
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha