لمى يعرب محمد ||
قرر مخرج المسرحية أن ينتقل بمشاهد مسرحيته من مدينة إلى أخرى، كلف بهلوان الاستعراض أن يدير المشهد صوريا، وأوهمه انه بطل المسرحية الأوحد، أوعز له بإدارة تفاصيل ما يدور فيها من تدريبات ومشاهد، خلف الكواليس وأمامها، فرح البهلوان بهذه المهمة اللامعة وحرص أن يمتطي حصانا حقيقيا مرصعا بالذهب، وعاهد المخرج على النجاح.
حاول البهلوان أولا أن يتقن اللعبة أكثر فأكثر، وأخذ يعزف ألحان الافتتاحية والتغريد للممثلين والصبية والجمهور، والمزاج المتقلب كان من أساسيات نوتات المعزوفة، يرسل صداها بين الفينة والأخرى ليجذب الصبية الصغار يشوقهم ليوم الاستعراض، ولكون مهنته تتحتم عليه أن يكون خبيرا بالحركات الصعبة معتمدا على تقنيات عدة، أجاد الحركات البهلوانية بصورة مثيرة جدا، أدهشت من حوله وألزمت عقولهم ،هذا البهلوان كان يمتاز بالأنانية وعدم الوفاء والاحترام، ولا نعرف إن كانت هذه سجية فطرية أو مكتسبة عبر مهرجين كبار، ومن المحزن إن تهريجه أناط بالكثير من الجمهور وطبل له الغلمان والصبيان، حتى كاد صوت طبلهم يصيب الصمم لكل سامعيه، لاعب ماهر يعرف كيف يركب السفينة، وحين يشعر بالغرق يقفز ملتفا إلى مركب التهريج والشعوذة الكلامية التي يجيد حياكتها.
أ أنتم مستعدون للعرض المسرحي؟
واحد... اثنان ...ثلاثة أسدل الستار وبدأت الآن
أيها الجمهور...
صفقوا التصفيق حالة ايجابية وحماسية، لمعاناة طويلة لا تعكس أبدا حجمها الحقيقي ومداها، فهناك ما بين الحضور لا يعلمون ماذا يحدث وعلى ماذا تدار المسرحية، أنا هنا الآن من منطلق حشر مع الناس عيد!!.. أرهقتُ كفيَّ ولكني مصر على التصفيق فالمعادلة صعبة ولا أجيد غيره وغير التطبيل ، أتى الساحر الذي سوف ينقذني من متاهات العناء والفقر، وحتما سيخرجني من شوارع مدينتي المتعبة إلى الحياة الفارهة، أنا مستمر بالتصفيق وانظر إلى صبية المهرج، الوعي لدينا لاوعي يرشدنا البهلوان كلما صعد منصة المسرح، نتحدث بحديثه وندمن سلوكه، ونراقب تصرفاته دون ملل أو كلل.
فهل نحن بحاجة إلى غسيل أدمغة من نوع آخر، نحن ماضون دائما دون هدف ودون حدود، ومستسلمون للتهريج في ابعد ما يكون، ولا سبيل للتوازن فالصبية اليوم قد تعلموا كيف النط على الحبل بخفة، تحت الحان الزمار المجنون..