المقالات

هل الحكومات ألمُقبلّة في العراق  لبنان ستمثّلان ارادة الشعبيّن ؟!


د. جواد الهنداوي *||

 

* سفير سابق /رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل

                    

           

ما سنكتبه و جواباً على السؤال ،سينطبق على رئاسة الجمهورية وعلى رئاسة البرلمان في كلا البلديّن ، وليس فقط على الحكومة ، أي السؤال و جوابه يتعلق بكافة السلطات الدستورية وليس فقط بالحكومة بأعتبارها سلطة تنفيذيّة.

            ديمقراطيتنا في العراق هي ديمقراطية غير مباشرة ، وليست ديمقراطية مباشرة .الفرق بينهما هو أنَّ السلطة التنفيذية ليست مُنتخبّة مباشرةً من الشعب ، وانما تتشكّل ، و السلطات الدستورية الاخرى عبر توافق وتفاهم نيابي ، وقد اثبتت تجارب التوافق و التفاهم النيابي ،طيلة ما يقارب عقدّين من السياسة و الحكم في العراق ، فشل مبدأ التوافق والتفاهم في بناء الدولة ، و نجاح المبدأ في توزيع وتقاسم مغانم ممارسة السلطة . و العيب ليس في المبدأ ،و انما في تطبيقة ،حيث لا يوجد افضل من التوافق والتفاهم بين الاحزاب و المكونات ،شرط ان يكون التوافق و التفاهم من اجل بناء و ادارة الدولة و خدمة الشعب ، وليس من اجل تقاسم النفوذ و خداع الشعب وتبذير وسرقة الثروات .

          سَبَقَ لبنان العراق بعقود في تطبيق الديمقراطية غير المباشرة ،كممارسة مصاحبة للنظام السياسي البرلماني . وسَبَقَ لبنان العراق في تطبيق مبدأ التوافق و التفاهم بين المكونات والاحزاب لاشغال مناصب الدولة ، وفي مقدمة تلك المناصب  رئاسة الجمهورية و رئاسة الوزراء و رئاسة مجلس النواب ، وحصدَ لبنان قبل العراق فشل بناء الدولة ، و معاناة الشعب ، ونقص الخدمات ، وترف الطبقة السياسية . و ها هما البلدان ( لبنان و العراق ) يواجهان ذات المصائب و المصير ، و كلاهما عُرضة لتدخل عربي و اقليمي و دولي ، ولولا وجود المقاومة في لبنان و وجود الحشد الشعبي في العراق ، لكان الكيان الاسرائيلي صاحب الكلمة و الشأن و المتحكم في شؤون البلدّين !

        هل ستتشكل الحكومة و السلطات الدستورية الاخرى ( رئاسة الجمهورية و رئاسة مجلس النواب ) ، في العراق او في لبنان ، بناءاً على ارادة الشعب ام بناءاً على ارادة و مصالح و رغبات دول ؟

       الجواب على السؤال يترّدد على ألسنة عّامة الشعب ،حين يتوقعون بأنَّ فُلان من السياسيين هو المناسب للمرحلة السياسية وهو القادر على ادارة الدولة ، ولكن غير مقبول خليجياً و امريكياً ! او الآخر  ولكن ينبغي موافقة أيران !

        اصبح العراق ،كحال لبنان ، محكوم ، عند تشكيل الحكومة ،وتسميّة رئيس الجمهورية و رئيس مجلس النواب ، ليس فقط بمعيار التوافق والتفاهم الحزبي او الطائفي و المكّوناتي ، وانما ايضاً ( وهذا هو الخطأ ) بحقيقة التسليم لارضاء و لارادة الدول ! وكلاهما ( معيار التوافق الحزبي ، والتسليم لارادة الدول ) ليس في صالح الشعب و بناء الدولة ، لأّن ممارسة التوافق ( للاسف ) تتم لممارسة السلطة وليس لبناء الدولة و خدمة الشعب ، وهذا ما اثبتته التجربة .

      هل سيتحرّر البلدان من عُقدة التسليم لارضاء و لارادة الدول حين يسمّون رؤساء دولهم وحكوماتهم و مجالسهم النيّابية ؟

    لا اعتقد ذلك . الطبقة السياسية في كلا البلدين اعتادت ،للاسف ، على كسب رضا الخارج قبل رضا الشعب و مصلحة الدولة ، الامر الذي يجعل الدولة مرتهنة سياسياً للارادة الخارجية ، لا سيما اغلب الاحزاب الفاعلة في المشهد السياسي ( في العراق وفي لبنان ) تستمد قوتها من النفوذ و المال الخارجي .

    العراق ولبنان هما البلدان العربيان ،غير الملكية ،اللذان يتبنيان النظام السياسي القائم على الديمقراطية غير المباشرة ،حيث اختيار القادة ليس من قبل الشعب ، وانما من قبل الاحزاب ، و اغلبها تسعى لمداراة و مسايرة المشهد السياسي العربي والاقليمي و الدولي ، ومعيار التوافق والتفاهم ،قبل الاستحقاقات الاستراتيجية للدولة وللشعب .

    بيّنت اذاً تجربة الديمقراطية غير المباشرة في لبنان وفي العراق فشلها في بناء الدولة ،وفرض سيادتها داخلياً و خارجياً . بموجب الديمقراطية غير المباشرة في بلداننا ، تُستخدَمْ ارادة الشعب ، ألمُعّبرْ عنها ديمقراطياً ،من خلال صناديق الاقتراع ، من اجل مصلحة الاحزاب و ارتباطاتها الخارجية وليس من اجل مصلحة الشعب وبناء الدولة .

     بطبيعة الحال ، وللاسف ، المبدأ السياسي الحاكم لدول المنطقة ،هو ( كيف تجعل جارك ضعيفاً) ، ومن مصلحة دول عديدة ، وفي مقدمة هذه الدول امريكا وحليفها الكيان الاسرائيلي ، ان يستمر العراق و يستمر لبنان تحت وطأة نظام الديمقراطية غير المباشرة . فهو الضمانة لهم بقدرة تدخلهم و بضعف الدولة .

ـــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك