عبد الرحمن المالكي ||
حدثني احد الثقاة عن اخر مرة التقى فيها برجل في احد الازقة الضيقة في مدينة الصدر وكانت حينها تسمى (الثورة), في بداية ثمانينات القرن الماضي, وكانت الحرب العراقية الايرانية قد بدأت نيرانها, وسيق الشباب العراقي وتحديداً الشيعي الى حرب لا داعي منها, ولا يرجعون الا وهم محملين بالتوابيت الى منازلهم, فقد خاضوا حرب لا ناقة لهم ولا جمل, الحرب الذي اشعلها هو الطاغية المقبور لعيون ملوك الخليج وامرائها, وقد سأله عن ان يعيره كتاب "فلسفتنا" للمرجع السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس سره), وعند عودته الى المنزل وجد كيساً كبيراً مليئاً بالكتب, قلب محتويات الكيس, واذا به يحوي مصادر وكتب خطيرة وتعتبر ممنوعة في ذلك الوقت, وهذه الكتب تكفي للإصدار احكام الاعدام على حيازتها, اخذ كتاب فلسفتنا, واعاد الكيس لصاحبه...ثم مرت ايام قلائل سمع اخوته يتحدثون في البيت, عن اقتحام الامن الصدامي لبيت الجيران, واعتقال ابنهم الاوسط عبد العزيز, ذلك الشاب الذي قد استعار منه المتحدث الكتاب, وكانت تهمة اعتقاله هي الانتماء الى التنظيمات الاسلامية, وبعد مدة اطلق صراحة دون التوصل الى حقيقة ثابتة.
كان عبد العزيز المحمداوي المعروف بأسمه الحركي في اوساط المقاومة بالخال, الذي كان شاباً لطيفاً وديعاً, مجتهداً في دراسته, ولم يبلغ العشرين من عمره آنذاك, ومع ذلك لم ينشغل بما انشغل به ابناء قطاع 43 الذي كان يسكن فيه, من ولع وشغف في كرة القدم, والذي يعتبر هذا القطاع مدرسة كروية صغيرة, اخرجت المع نجوم الكرة العراقية للمنتخبات الوطنية للعراق وخارجه, ويكفي ان اثنين من ابناء هذا القطاع هما في مونديال المكسيك, وهم ناطق هاشم وباسم قاسم.
عبد العزيز المحمداوي, الملقب بأبي فدك, الامين العام السابق لكتائب حزب الله الظافرة, الرجل الذي بدأ مسيرته الجهادية في ثمانينات القرن الماضي, مقاتلاً في فيلق بدر, وما بعد سقوط الطاغية, شغل منصب عضو الشورى كتائب حزب الله في العراق.
وفي عام 2004 م شكل مجاميع جهادية مقاومة للاحتلال الامريكي, وهو مؤسس وحدات العمليات الخاصة في الكتائب, وفي عام 2006م, عاد للعمل مع الشهيد ابي مهدي المهندس, ثم اسهم في تشكيل كتائب حزب الله, بمباركة الشهداء القادة ومنهم الشهيد قاسم سليماني والشهيد عماد مغنية فضلاً عن الاب الروحي للمقاومة العراقية الشهيد المهندس, حيث عمل جاهداً لتشكيل مجموعة خاصة عالية التدريب ولديها امكانات وخبرات واسعة لمواجهة الامريكان.
ابو فدك يكاد يكون شخصية غامضة, بعيدة عن الاضواء وعدسات الكاميرات, الرجل الذي يعمل بصمت دون ضجيج, لذلك فأن وسائل الاعلام لم تناوله بما يكفي, لشحة المعلومات المتوفرة عليه, فهو يعتبر رجل الظل الغامض, الذي لعب دوراً بارزاً في القضاء على عصابات داعش, فهو القائد الصلب الذي كان شاخصاً في جميع معارك التحرير, ودوره جلياً في صنع العديد من الملاحم.
استخدم المحمداوي العديد من الالقاب والكنى خلال عمله الجهادي , ومنها: الخال, ابو فدك, ابو حميد, وبعد ان اتم عمله في قيادة وحدات الكتائب ضمن عمليات تحرير جرف الصخر, انتقل الى صلاح الدين وتحديداً قضاء بيجي, وكان انذآك القائد الميداني العسكري الفعلي للمعركة والذي اشرف على عدة محاور ومنها: سليمان بيك, شكر/بأتجاه عمليات تحريرامرلي), شرق تكريت, وايضاً تردد اسمه كثيراً خلال عمليات تحرير قرية نُبل والزهراء في ادلف السورية, فقد كان دوره قيادة المجاهدين العراقيين في المعركة.
خرج ابو فدك من دائرة الظل بعد استشهاد المهندس ورفيقه سليماني اثر غارة جوية غادرة في مطار بغداد, وظهر بعد ذلك ليملئ الفراغ الكبير الذي تركه المهندس, فهو خير خلف لخير سلف, ومن نفس المدرسة الحسينية التي تربى فيها المهندس, ويؤكد المقربون منه, انه يتمتع بالحنكة الادارية, والمهنية العسكرية العالية في قيادة قطعات القوات وكذلك التخطيط للمعارك.
لم يسلم ابو فدك من هجمات الاعلام الاصفر بعد تسنمه رئاسة اركان هيئة الحشد الشعبي, وليكون خلفاً لشهدينا المهندس, من تشويه صورته والصاق شتى التهم عليه, ولكن لم تنل هذه الحملات البائسة من الخال لذي استمر كعادته يعمل بصمت, لتطوير قوات الحشد, لتصبح اليد الضاربة والظهير الامين للجيش العراقي, ولضمان عدم تكرار سيناريو داعش, وغيرها من المؤامرات على هذا الشعب المظلوم من خلال تسليمه الى الارهابيين والبعثيين القتلة.
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha