يؤكد الكثيرون من خريجي الجامعات العراقية من الاجيال السابقة, ان ما يقام في يومنا هذا من حفلات تخرج, هي في الواقع تفاهة, لم تألفها الاعراف الجامعية من قبل, في حين غابت انشطة راقية كانت سائدة كالمهرجانات الشعرية والثقافية, التي تكشف كل عام عن اسماء وخامات جديدة من الادباء والشعراء الكبار, وخير دليل على ذلك حكاية العشق العذري بين الشاعر حسن المرواني وليلى, التي جَسدها بأروع قصيدة (انا وليلى واشطبوا اسمائكم) التي كتبها في سبعينات القرن الماضي, لتكون شاهداً على رقي العلاقات الجامعية آنذاك والمستوى الثقافي للطلبة. ان المرحلة الاخيرة في الدراسة الجامعية لا دراسة فيها, فالطلبة منشغلون بحفلة التخرج, والاعداد لها في وقت مبكر من بداية العام الدراسي, والعمل على تحديد مكان الحفل وبرنامجه, والاتفاق مع صاحب القاعة على الاجور والمطرب الذي سيغني في الحفل, والمبلغ الذي يدفعه كل طالب, وعلى الصعيد الشخصي, هنالك تكاليف اخرى تتعلق بالبدلة ولونها والاكسسورات الخاصة التي يرتديها الطالب خلال الحفل, ثم تأتي صورة التخرج التي تتطلب ان يرتدي جميع الطلبة ملابس موحدة, وكل هذه الامور تكلف ذوي الطلبة مبالغ باهضه, وتزيد حملاً على كاهلهم. كل هذا يحصل ليجتمع الطلبة ذكوراً واناث في قاعة مزدحمة, يسودها الهرج والمرج, وهي اجواء بعيدة عن الرصانة الجامعية, وليس لها اي ضرورة ويجب ان يكون لوزارة التعليم العالي رأي في هذه الممارسات. المضحك في الامر ان طلبة المراحل الاولى يتركون محاضراتهم "وعلى حس الطبل خفن يرجلية" وينخرطون في الاحتفالات بحماس يفوق احياناً طلبة المراحل الاخيرة. في احد الايام قامت احدى الجامعات بعمل حفل لتكريم الطلبة المتميزين, لكن المفارقة ان معظم الطلبة لم يحضروا, لانهم عرفوا ان برنامج الحفل يتضمن القاء كلمات وتوزيع هدايا, ويخلوا من الرقص والغناء, وعدم وجود الدي جي وهي لا تلائم بعض السذج, وهنا نطرح سؤال.. من المسؤول عن تلويث الاجواء الجامعية بهذه الممارسات الدخيلة على مجتمعنا والتي لا تجدها حتى في المجتمع الاوربي, هل سببها الادارات الجامعية ام تغيير المزاج العام لدى الطالب الجامعي. ان للطالب الجامعي هيبته, ومكانته في الاسرة والمجتمع, وعلى الرغم من ان مجتمعنا يعد شبه امي لكنهُ ينظر الى الطالب الجامعي والخريج نظرة خاصة, باعتباره قدوة للجميع, ولو قارنا بين سلوك الطلبة في حفلات التخرج سابقاً, وبين سلوك الطلاب الان, سنرى ان حفلات التخرج, ما هي الا نتاج وثمرة التربية الاسرية وواقع المجتمع الذي فقد الكثير من قيمته , في ظل التحولات التكنلوجية وتقلبات الزمن. سابقاً كان الطلاب يجتمعون لأخذ صورة التخرج بالزي الجامعي الموحد, الذي يتضمن الوان النيلي والرصاصي ولا يسمح تحت اي ضرف ارتداء الملابس بغير هذه الالوان, ثم تدعوا الجامعة الطلبة للاحتفال المركزي لتكريم الطلبة الاوائل, وبعد ذلك من حق الطالب ان يحتفل مع اسرته او اصدقائه في اي مكان يحب, ومن حقه ان يرقص ويغني بعيداً عن انظار المجتمع الجامعي, ويبقى السؤال... من الذي سمح لمسخرة الحفلات والرقص والدي جي في الحرم الجامعي؟
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha