منهل عبد الأمير المرشدي ||
إصبع على الجرح
عند اندلاع مظاهرات تشرين للباحثين عن وطن في 2019 وبعيدا عن الخوض في ما جرى لها وبها وخلالها ومن فوقها ومن تحتها وبين ثناياها بعدما اخترقها الأعراب والأغراب وحيتان الفساد وارباب النفاق فأطمأن الفاسدون واستبشر بن طحنون خيرا في ان تتحول هذه المظاهرات الوطنية الى نقطة شروع لدمار الوطن واستهداف الوطنيين فكان اولى ثمار نتاجها الثوري اسقاط الإتفاقية العراقية الصينية لبناء البنى التحتية في العراق واسقاط مشروع ميناء الفاو الكبير وإيقاف الدوام في الدوائر الحكومية والمؤسسات التعليمية في المدارس والجامعات وإستهداف المؤسسات الحكومية وحرق مقرات فصائل الحشد الشعبي والقنصليات الإيرانية ورفع شعار (ايران بره بره) , وانتهت وخمدت وهدأ الباحثون عن الوطن بإسقاط حكومة عادل عبد المهدي والمجيء بالرئيس المبخوت مصطفى الكاظمي بلا لون ولا طعم ولا رائحة .
لست مدافعا عن ايران الدولة والقيادة والشعب فرغم ما يربطنا بالجمهورية الإسلامية من روابط اجتماعية وعقائدية وتأريخية فلا ينكر كل ذي عقل وبصيرة ان موقف إيران الداعم للعراق في مواجهة عصابات داعش وتلبية احتياجات رجال الفتوى التأريخية المباركة للسيد السيستاني بالعدة والعدد وتضحيات القادة الأبطال كان هو الركن الأساس في تحقيق النصر على التنظينم الإرهابي بإعتراف القيادات العسكرية العراقية وقيادات الحشد اضافة الى اعتراف مسعود البره زاني وحاكم الزاملي وغيرهم من ساسة العراق . ولكن ما حصل في المظاهرات التشرينية الغريبة المستغربة العجيبة المستعجبة انها رفعت شعار ايران برّه برّه .
لم نر دبابة ايرانية في مدينة عراقية ولا علم ايراني في قرية في الشمال فلماذا هذا الشعار ؟ ربما يرى البعض ان فصائل المقاومة العراقية التي قاتلت داعش وتهدد قوات امريكا المحتلة للأراضي العراقية تتلقى الدعم من ايران وهي وجهة نظر يتبناها ساسة معروفون وتطبل لها قنوات فضائية ناعقة تحت طائلة دعم الميلشيات المسلحة .
لا بأس بذلك وهي وجهة نظر قابلة للنقاش بما فيه شعار تشرين الثوري والوطني جدا جدا ( ايران برّه برّه) ولكن لنأتي الى واقع الحال الميداني في شمال العراق وما يتعلق بتركيا . تركيا تحتل مدينة بعشيقة في محافظة نينوى ولها فيها قاعدة عسكرية كبيرة بدباباتها ومدرعاتها افلا تسحتق ان نقول لها تركيا برّه برّه ؟ .
تركيا تحتل مساحات شاسعة من محافظة دهوك وجبل قنديل ولها اربع قواعد عسكرية بعدّتها واعدادها افلا تستحق من ثوار تشرين ونخبة الوطنيين التشارنه ان نصرخ بوجهها (تركّيا برّه برّه )؟
تركيا لها قواعد عسكرية شمال شرق اربيل وسنجارودهوك وتقصف كل يوم بالطائرات والصواريخ مناطق مختلفة في اربيل ودهوك ونينوى والسليمانية وتقتل العشرات من العراقيين الأكراد أفلا يستحق كل ذلك ولو لمرة واحدة من صرخة تشرينية نظيفة بعنوان (تركيا برّه برّه ) ؟
تركيا قطعت مياه دجلة والفرات بسدودها العملاقة التي اقامتها واحالت الرافدين العظيميين الى سواقي تعاني الجفاف وقتلت لدينا الزرع والحرث والنسل أفلا يحرك ذلك غيرة تشريني واحد او قناة كربولية واحدة او زنديق من زنادقة الشرقية الداعرة او ناعق من عواهر السياسة وعواهر النفاق ان يقولوا ولو همسا ولو لمرة واحدة ( تركيا برّه برّه ) .
أخيرا وليس آحرا اقول لست مدافعا عن ايران فمشكلتي هو العراق وقلبي وروحي وذاتي هو العراق ولا شيء قبل العراق ولا شيء بعده ولكني اشعر بالتعاسة والضجر من أمة اعمى الله بصيرتها واغمضت عينا لترى بعين واحدة كما يحركّها عبيد الدولار ويرقص على حس طبولها الهمج الرعاع .
أما انا فأقولها لكل من يحتل شبرا من بلادي مهما كان اسمه وعنوانه وحجمه ... برّه برّه برّه .