المقالات

روح الله...احيى ارواح عباد الله..بمناسبة رحيل الامام 


عبد الحسين الظالمي ||

 

عندما نعود قليلا الى الوراء ونستعرض الاوضاع  في النصف الاخير من عقد السبعينات وبالتحديد من  عام ١٩٧٥  ومابعدها  نجد الامور  قد نحدرت بشكل رهيب على المستوى الروحي والالتزام الديني عند الناس  في اغلب الدول الاسلامية وخصوصا عند الشباب    فقد كان  الالتزام محدود جدا ، يكاد  ينحصر عند كبار السن  .  وحتى الملتزمين   كانت   عبادتهم كلاسيكية  تعتمد على اداء الفرائض وربما حتى اداء الفرائض كان محارب  وانا هنا  اتكلم بشكل عام  ولا انفي حالة التدين عند البعض خصوصا عند بعض الشباب الحركي   او المتدين فطريا او الذي عاش اجواء التدين  في عوائل متدينة  والذي كان مراقب ومتابع وربما اغلبهم تم ايداعهم السجون  نتيجة القرار المشؤوم للنظام البائد  والذي نص على تجريم والحكم بالاعدام على  كل من ينتمي لحزب ديني ( حزب الدعوة ) باثر رجعي في اول سابقة قانونية في  العالم( هذه تهمة كل متدين سواء كان منتمي او مجرد يصوم ويصلي ويزور المراقد ). 

ولكن الجو العام  اتجه الى التجرد من مظاهر الدين خوفا او جهلا او غفلة  حتى اصبح الجو العام عند الشباب من لم يشرب ويسمع ام كلثوم   او عبد الحليم حافظ يقال علية متخلف او رجعي  متحجر  و هذه ابسط الاوصاف  ومقابل ذلك  ازدهرت  اماكن اللهو  والشرب والقمار والسينما غير الملتزمة  ومظاهر السفور  والحفلات  وغير ذلك وخصوصا في الجامعات  وهذا  يعني ثقافة وتحرر  من الرجعية ومظهر من مظاهر التطور .

هذا ما كان في العراق  وليس بعيدا عن العراق  ما يجري في اغلب الدول الاسلامية  والعربية  وايران ايضا لم تكن بعيدة عن هذه الاجواء .

في مثل هذه الاجواء  التي كنا نعيشها  وخصوصا جيل الشباب والفتوة  في تلك الفترة  انبرى  روح الله الخميني لقيادة اعظم ثورة في المنطقة تحمل صفة اسلامية وذات طابع ديني  يعتمد في منهجه على فكر اهل بيت الرسول ليفجر قنبلة ليس في المنطقة بل في العالم  اجمع  وليس على مستوى الحكم  ونوع النظام فقط بل فجر ثورة في ارواح الشباب المتعطش الى الفكر الديني وخصوصا فكر اهل البيت سلام الله عليهم  مما احدث ظاهرة كانت تسمى (الظاهرة الخمينية او الاصولية) وكانت هذة تهمة الانظمة لكل متدين وملتزم بفكر اهل البيت  خصوصا في العراق  اذ كانت التهمة حزب دعوة في العراق اصبحت  عالميا تهمة المتدين من اتباع اهل البيت (الخمينية).

هذه الظاهرة التي انتشرت بين الشباب انتشار النار في الهشيم  مما ارعب الانظمة  وخصوصا النظام العراقي الذي وجود نفسة  بدلا من عدو واحد تنظيمي ضيق محصور الانتماء (في اجواء النخب) اغلبه تحت سيطرة يد النظام الى ظاهرة اخرى مصدرها خارج حدود سيطرة النظام سوءا في العراق او في العالم العربي والاسلامي اذ اصبحت ايران بفضل روح الله نقطة اشعاع فكري لفكر اهل البيت الذي يغذي ارواح ملاين من الشباب المتعطش اصلا للدين.

وسرعان ما انتشر تاثير الثورة على مجمل اوضاع المنطقة ومنها العراق  حيث وصل الامر الى  العلماء  وعلى راسهم الشهيد الصدر الذي كان اصلا  يعيش اجواء هذا الفكر  مما جعلة لا يتاخر في  اصدار  مقولته الشهيرة ( ذوبوا في الامام الخميني كما ذاب هو في الاسلام )  والمتمعن في هذه المقولة جيدا يفهم حجم وعمق الفهم و التاثير في كل كلمة   نطقها الامام الصدر اذ كانت تعني ما تعني  وقد دفع حياتة ثمنا لهذه المقولة الشهيرة بالاضافة الى مقولته الاخرى  بما معناه ( انه يتشرف ان يكون ممثلا للامام في قرية نائية في ايران ......)  والشهيد الصدر في ذلك الوقت يعني ما يعني للالف من النخب والشباب  مما فجر ثورة روحية لدى مختلف طبقات المجتمع العراقي واصبحت ايران قبلة النفوس التواقة الى فكر اهل البيت وملاذ لكل من وجد نفسه لا ناصر ولا معين   محاصرا من قبل ازلام الشيطان واتباع الرذيلة  محكوم عليه بالموت لانه يملك كتاب ديني او يرتاد مسجد او يذهب لزيارة مرقد من مراقد اهل البيت اذ كانت تهمته  جاهزه  وحبل المشنقه معد له في العراق اما في العالم فا تهمة الاصولية  كانت جاهزه لكل من يحمل فكر اهل البيت حتى ولو لم يكن متعاطف مع ثورة روح الله .( تقابل تهمة الارهاب اليوم ).

شكلت ثورة روح الله الخميني  قاعدة انطلاق  لفكر اهل البيت عليهم السلام   اذ كانت منبرا

يشع نورا بهذا الفكر الذي كان مغيبا  ومحصورا  في اجواء الحوزات او في صدرر بعض النخب ،

اما عامة الناس  فكان التدين عبارة عن عادات  تتمحور حول الصوم والصلاة والحج  والاغلبية هم كبار السن كما اسلفنا  اما الشباب  فالاغلب الاعم كان بعيد عن هذا الفكر   وكثير ما كانت تتداول المقولة  التاليه (  مسلم بالجنسية )

واتذكر  مفارقة محزنه جدا تنم عن الواقع الذي ذكر اعلاه وهي اثناء الحرب العراقية الايرانية وفي بدايتها تقريبا  سال احد المذيعين في مقابلة تجري مع الاسرى العراقين في برنامج  يذاع في الاذاعة العربية في الاهواز لتعريف العوائل العراقية بوجود ابنائهم اسرى في ايران  سال المذيع احد الاسرى عن مذهبة فقال له  (مشاة)   هذا   الشاب  كان نموذج للذي لا يفرق بين الصنف العسكري وبين مذهبة  العقائدي  .  وهنا لا بد  من الاشارة  ان هذا ليس دليل على عدم وجود المذهبية والطائفية بل كان  دليل  على انعدام التدين بين الشباب  ونعدام التعاليم الدينية .

لذلك كانت ثورة الامام الخميني  هي ثورة احياء ارواح عباد الله الذين  اماتت ارواحهم  اساليب السلطات وغيبت عنها الاجواء الدينية  والارتباط الحقيقي الواعي بالله وبفكر اهل البيت سلام الله عليهم ونحن شباب السبعينات ندين بحياتنا للامام الذي انقذنا من تلك الاجواء  التي كان يخيم عليها الجهل الفكري  فيما يتعلق  بالجانب العقائدي والتخلق بخلاق  اهل البيت  اذ كان الفهم السائد  عند الاغلبية  عن التدين والالتزام هو اقامة الصلاة والصوم  وهذا في احسن  الاحوال  اما الاعم الاغلب فلا يعرف عن التدين

سوى انه مسلم .

سلام الله عليك ياروح الله يامن احييت  ارواح ملاين البشر وخصوصا الشباب منهم  وكان لك الفضل الكبير في احياء فكر اهل البيت الاصيل 

وفكرة  قيادة الاسلام للحياة واحيا ء نهضة الامام الحسين علية السلام   التي حاول الطغاة

قتلها ودفنها للابد .

وحتى يوم اعلان رحيلك كان  فريدا  لا تستطيع الكلمات تصوير مشاعر محبيك وانصارك وهم يجتمعون لتوديعك  تلك اليلة التي بتنا فيها في العراء  لنتشرف بوداعك .

لك منا الف تحية وسلام

والى روحك الحاضرة في روح كل واحد منا  سلاما  ممزوج  بكل حرف من حروف سورة  الفاتحة في ذكرى الثورة  .. وذكرى الرحيل ، نعم انك رحلت  ولكنك  بزغت فجرا منيرا في قلوب وعقول المخلصين  والاحرار. في العالم  وأبنائك اليوم يذيقون العدو الاسرائيلي مرارة وجوده  وتفرعنه  في المنطقة بعد ان اذاقوا الشيطان الاكبر مرارة  تجاوزاته وعدائه للشعوب.

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك