ا.د جهاد كاظم العكيلي ||
صار عالم اليوم مُشبع بالأحداث، وهو أمر مُقلق بالنسبة للشعوب وبشكل دائم مصحوب بحالات الإضطراب النفسي التي تصيب البشر مع ملاحظة أن هذا القلق والإضطراب يختلف بين أمة وأخرى من حيث درجة التأثير وشدته، وبعض الأمم كُتب عليها أن تعيش أقدارها بين طاحونة الوباء والحروب معا، وهي الأكثر تضررا من غيرها ..
لقد أكلت الحروب ثروات الشعوب ومزقت نسيجها الإجتماعي والنفسي، فضلا عن الاوبئة التي تظهر بين فترة وأخرى، منها جائحة كورونا التي أصابت العالم كله من دون إستثناء حيث الأذى النفسي المصحوب بالخوف والرعب، والتي فتحت شهية شركات الأدوية العالمية وإزداد جشع العالم بإستغلال ضعف وجهل الناس حول ظهور فايروسات أخرى وبمسميات مختلفة وكان آخرها جدري القرود والحمى النزفية ..
ومما تجدر الإشارة أليه أن عموم هذه الأوبئة خضعت إلى تفسيرات عدة تناولتها وكالات ووسائل إعلام عالمية ومنها شبكات التواصل الإجتماعي على نطاق واسع وعن لسان حال الجمهور، فمنهم من يضع اللائمة على الحكومات وإهمالها للوضع الصحي، ومنهم من يضع ذلك خلف خانة الدوافع السياسية ..
ومن المؤكد أنه صاحب هذا تهويل اعلامي واسع لتخويف الناس وتركيعهم جسديا ونفسيا، وتسبب أيضا بتحويل بعض الدول الفقيرة اصلا إلى دول منهكة ليس لها القدرة على الحركة والنمو، والقائمة طويلة بالتفسيرات وتسجل المؤشرات ..
أن العالم أخذ يتراجع عن إنسانيته إزاء بعضهم البعض، فالعالم المتحضر بدأ يحتضر هو الآخر جراء آثار الحروب التي نتج عنها شح بعض السلع الإقتصادية المهمة ومنها القمح على خلفية الحرب الأوكرانية ــ الروسية، والحصار الذي فرضته دول الإتحاد الأوربي بزعامة امريكا على روسيا، وهي الدولة التي تشكل أهم شريان إقتصادي لإوربا، فضلا عن أن العالم صار يعيش نظرية المؤامرة بخصوص الكوفيد وجدري القرود والحمى النزفية، وهذا ما نشرته وسائل التواصل الإجتماعي موجهة الإتهام إلى بيل غيتس صاحب أكبر مؤسسة تجارية في العالم، تروج هذه الوسائل إلى نظرية المؤامرة إذ، يقول إن تقريرا حول جدري القرود صدر عن المؤسسة ومؤتمر ميونخ للأمن في مارس / آذار 2021 إن جدري القرود هذا سيبدأ الإنتشار في 15 مايو / أيار 2022، وسيصيب 3،2 مليارات إنسان، ويقتل 270 مليونا ..
فهل حقا أن غيتس هذا خطط فعلا لإطلاق جدري القرود بالتعاون مع مؤتمر ميونخ للأمن؟ والثابت أن ذلك حدث فعلا بسبب دعوات غيتس المتكررة بأهمية التلقيح والتطعيم ضد الأوبئة المنتشرة، وهو ما يؤكد صحة الذين أتهموه، ومن المؤكد أيضا أن غيتس هذا لم يكن الشخص الوحيد الذي حذر من إحتمال حدوث هجمات إرهابية بيولوجية، فعلى مدى العقدين الماضيين، كان العديد من خبراء الصحة العامة والأمن يحثون العالم على الإستعداد بشكل أفضل من لمواجهة إنتشار الأوبئة ..
من هنا نقول أن مشاكل العالم مُتعددة ومتشابكة يتنازعها أصحاب رؤوس الأموال وقادة الرأي ورؤساء الحكومات المتنفذة، وهي كلها ساهمت بشكل مقصود أو غير مقصود لخلق الرعب بين صفوف أبناء هذا العالم، وجعلته يعيش بين كوارث الحروب والأوبئة ذات المُسميات المختلفة .