المقالات

رعاية ابناء الشهداء !


حسن الحسناوي ||   أيتام الشهداء ليسوا بأيتام لأن آباءهم أحياء عند الله يرزقون في ضيافة الله وليسوا بميتين، وهذا هو أول واجب علينا كمجتمع يدين بالولاء والتضحية التي قدمها الشهداء من أجل أن نحيا أعزاء وكرماء. يجب ان تغرس تلك المفاهيم في نفوس أبنائهم أنهم ليسوا أيتاماً وأن عليهم أن يفتخروا بعطاء آبائهم الشهداء الذي لا يساويه عطاء والذي قابله الله سبحانه وتعالى بأسمى عطاء، وأن لا نجعلهم يشعرون باليتم أبدا ونحن بجانبهم. واجبنا تجاههم هو مساعدتهم دائما قدر المستطاع من دعم نفسي ومادي للتخفيف من معاناتهم ليس في فترة مناسباتية فحسب بل طوال العام. أما بالنسبة للدور الحكومي يجب على الحكومة تقديم المساعدات (المادية) قدر المستطاع.  وأيضا متابعة تعليمهم المدرسي والجامعي ليكون تحصيلهم الدراسي على أرقى مستوى ،مستوى يليق بهم كأبناء شهداء. اما لحقوقهم فنستهل حديثنا بقوله تعالى: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ1 فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ 2 وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) وقوله : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَـمَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِـمِينَ ) وقوله عليه الصلاة والسلام حين قال: أو كما قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين مشيرا إلى أصبعيه السبابة والوسطى ، وهذا إنما يدل ويؤكد أهمية الاهتمام بالأيتام عامة من أبناء المسلمين، فما بالنا بأيتام الشهداء الذين قدموا أرواحهم في سبيل الله دفاعا عن الوطن وعن المستضعفين من النساء والأطفال من تركوا بيوتهم وأزواجهم وأطفالهم بلا معيل، يحملون هم الأمة ، لا يرضون أن يتعرض الناس للعدوان ويكونوا بمنأى عن المسؤولية، لم يرضوا أن يكونوا في حياد ويقولوا نسلم ويسلم أبناؤنا ولا دخل لنا بما يحدث كما فعل المرتزقة ويفعل البعض من فاقدي الإحساس والشعور بالمسؤولية تجاه من افتدوهم بأرواحهم وأورثوهم عزة وكرامة ونصرا وقوة وتمكينا أذهل العالم بأسره. هل جزاء إحسان المجاهدين والشهداء أن نترك أبناءهم بلا معيل ؟ إنهم لا يحتاجون فقط حاجة مادية بل هم إلى المحبة والحنان أحوج، فلم تذكر الآية في وصف من يكفر بيوم الدين حاجة اليتيم إلى الطعام بل ذكرت أن من يكذب بالدين هو الذي يدعُّ اليتيم “يدفعه دفعا شديدا” أي بشدة وغلظة وقسوة، عن حقه سواء كان حقا ماديا أو أي حق من الحقوق، وهذه الحقوق يتقاسمها الفرد والمجتمع والدولة، فحق اليتيم على الفرد أن يعامل بإحسان ورحمة وحنان، فقد روي عن النبي صلوات الله عليه وعلى آله في معنى حديثه أن من مسح على رأس طفل يتيم خفف عنه من الذنوب بعدد شعر رأسه ، والإسهام في التخفيف عن احتياجه المادي وذلك مما حصل من ترغيب من رسول الله في أن من يكفل اليتيم يزاحمه على باب الجنة أو كما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم، كذا حقه على الجماعة، فعلى المجتمع أن يرعى اليتيم ويرعى حقوقه ويحميه من أي ظلم أو سوء يراد به، حتى تعدد الزوجات الذي وجد الكثير فيه أنه تشريع إلهي ويرون أنه من حقهم أن يتزوجوا أكثر من زوجة دون علمهم بالسبب الحقيقي لذلك وهو الخوف من أن لا يقسطوا في اليتامى قال تعالى   وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) النساء (3). أما حقه على الدولة فيجب أن يكون له ضمان اجتماعي وأن تكفل تعليمه وعلاجه وتوفير الغذاء والدواء له وأن لا تتركه يطلب الناس ويحتاج أبداً.  وتوفير العمل له بعد إنهاء تعليمه وحماية حقوقه المادية والمعنوية، وأن تكون لأبناء الشهداء الأولوية على سائر الأطفال والناس فهم أبناء السابقين إلى الخيرات، لذا ينبغي أن يكونوا هم الأولى بالاهتمام والرعاية والاحتضان. الشهداء رضوان الله عليهم تحركوا في إطار المسؤولية ، فعندما ينطلق المجاهد ليدافع عن دين الله وفي سبيل الله وحرصا منه على حماية الأرض وصون الأعراض من دنس المحتل باذلا روحه ودمه فإن ذلك لامتلاكه الوعي والبصيرة والرؤية السليمة للأحداث وما الذي يجب عليه فعرف دوره الهام فتحرك في الميدان مسترخصاً كل ثمين . وعندما تعرج روح الشهيد يترك وراءه أسرة كان في معظم الحالات هو معيلها خصوصا أطفاله الصغار فيصبحون أيتاما، وإذا كان الرسول صلوات الله عليه وآله حث على كفالة اليتيم بصورة عامة من باب المسؤولية وانطلاقا من روح التعاليم القرآنية فالأمر أكبر أمام أبناء الشهداء الذين هم عنوان صمودنا ورمز عزتنا، وهو واجب وأقل القليل مقابل عطاء الشهداء العظماء. لا بد أن يكون هناك دور تكاملي بين المجتمع والحكومة في رعاية هذه الشريحة العظيمة ولا يقتصر فقط على جهة دون أخرى بل يجب أن تقدم لهم الرعاية من كل شرائح المجتمع وأن يحاطوا بالاهتمام والحماية وأن تتشارك المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في هذا الجانب ولتسهم بقدر المستطاع. ويجب وجود ان تكون هناك إسهامات عظيمة في هذا الجانب ورعاية أبناء الشهداء. فمنها ما يرعى الجانب التعليمي ومنها ما يرعى جانب المعيشة ومنها ما يخص الجانب الصحي. على كل القطاعات أن تساهم بحسب إمكانيتها، فمثلا هناك معاهد وجامعات تقدم منحاً مجانية لأبناء الشهداء ليتعلموا ويمتلكوا القدرة على بناء مستقبلهم، يجب ان تاخذ دورها هيئة الزكاة التي تساهم في دفع تكاليف زواجهم وتبني مشاريع مختلفة تخص أسر الشهداء، ويجب ان تكون هناك مؤسسات تعمل على تمكين أسر الشهداء من الإنتاج والاكتفاء الذاتي ،وعلى مستوى المدارس يتم تكريمهم في المناسبات المختلفة وتقديم مقاعد مجانية. إن المطلوب هو تكثيف هذه الجهود وأن يكون لأبناء الشهداء الأولوية في كل مشاريع التنمية التي تقدم للمجتمع، وعلى الحكومة أن تهتم اهتماماً جاداً بهذا الجانب وأن تساهم في دفع الجميع نحو تحقيق الرعاية الكاملة لهم من خلال تبني مشاريع حقيقية تفتح باب المساهمة فيها وتسلط الضوء نحوهم عبر وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية، وأن يكون هناك اهتمام بهم لينمو هؤلاء الأبناء وهم يحملون روحية آباءهم الجهادية أوفياء لخطهم فلا يضيع أثرهم. أيضا يجب أن تهتم الحكومة والأجهزة الخاصة كالقضاء مثلا بحل المشاكل التي يمكن أن تظهر في حياتهم مثل مشاكل السكن وحقوق الكفالة وولاية الأمر والمظالم التي قد تحدث لهم، وغيرها. وبتكاتف الجميع واستشعار المسؤولية بهم سنجني الثمرة الطيبة بإذن الله. الشهداء هم الأكرمون وهم رموز هذا الوطن وهم السادة والقادة الذين ضحوا بالنيابة عنا واسترخصوا دماءهم لله سبحانه وتعالى وليس لهم قدر، وإنما الثواب والجزاء أن الله اصطفاهم واختارهم ليكونوا أحياء بجواره ولكنهم في المقابل امتحان واختبار لنا جميعاً إذ هؤلاء تركوا الأهل والأولاد ليبدأ الامتحان والتكريم واستشعار المسؤولية.  إن الدولة ممثلة بالحكومة بالدرجة الأساس معنية بذلك من خلال الرعاية الاجتماعية وضمان وصول سبل المعيشة الكريمة لهم من خلال المرتب والسلال الغذائية، وضمان تعليمهم وتأهيلهم بدءاً بالمدارس وحتى التعليم العالي وإعطائهم منحاً دراسية مجانية والمتابعة المستمرة لهم ،ومنحهم درجات وظيفية في كافة مؤسسات الدولة وإعطائهم الأولوية ،وضمان المسكن من خلال توزيع قطع أراض ومشاريع سكنية. إن أهم تكريم للشهداء يتمثل في رعاية أسرهم والاهتمام بأطفالهم وترجمة ذلك في الواقع بما سبق، أما الاحتفالات الموسمية والفعاليات المصاحبة إذا لم تكن استكمالاً لما يجب فإنها مهرجات فقط.  أن مسؤولية المجتمع لا تقل عن مسؤولية الحكومة فالمجتمع يتعاطف ويحن فيمنحهم من العطف والحنان والتعاون ما نقص عليهم في هذا الجانب ،فيزورهم باستمرار من خلال تبني مبادرات مجتمعية فاعلة، فدور المجتمع مهم في هذا الجانب،
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك