المقالات

قلوب لا تخفق للوطن


عبد الخالق الفلاح ||

 

 تطول المناظرات هذه الايام والوقت يمضي هدراً ولا يبدو واضحاً إن كانت المفاوضات تأتي أكلها ولا يمكن توقع الانفراجات في مسار التفاوض أو حتى التفاهم الذي يدور بين الكتل السياسية وقلوب لا تخفق للوطن، مع غياب الأمل تحاك الدسائس والمؤامرات تزداد ضراوة في تباعـد وتناحر القوم مما عقد المشهد السياسي إذ تمسك كل من المتحالفين بحقه في تشكيــل الحكومــة فهناك كتلة  فائزة  وأخـرى جمعت عدداً أكثر من خلال تحالفها مع بعض الكتل السياسية الاخـرى.

يتبارز السياسيين بالطوائف وتظهر العجائب، ويتقاذفون التهم العجيبة وجعلوا من الوطن محطة سفر والمراتب التي نعيش فيها الى حقائب والبيوت ثروات،وهناك من يمدح واخر من يهجي اخر ،مقابل مبالغ يتفق عليها على صوت الباطل تقرع الطبول وخفق صوت الحق وظهرت على السطح وجوه مريبة واختفت وجوه اخرى ويشعر بموت الأمل ويزداد غربة العقل والعاقل وضاعت ملامح الوجوه النيرة ويسود الهرج والمرج يوماً بعد يوم.

لا شك من ان استمرار ظاهرة غياب السلطة والسياسة تجعل من ان تسمح للكثير من الظواهر السلبية بالاستحواذ على جزء عظيم من اهتمامات الناس ،لان غياب الأحزاب السياسية الوطنية الحقيقية والمجتمع المدنى، ليس له معنى إلا إعطاء هدايا مجانية للمتطرفين والإرهابيين والجهلة بالاستحواذ على  أرضيات جماهيرية بسيطة الفكر وبريئة المقومات لا يستحقونها بالمرة لان الجهل عدو خطير يفتك بالمجتمع ويهدد سلامه وأمنه ويجعله في مؤخرة الدول.

 الواقع أنَّه لا توجد علاقات للقوة أو ممارسة للسلطة دون مقومات حقيقيّة وفعّالة لهذه القوّة أو هذه السلطة؛ لأنَّ المقومات  والجماهير تشكل تلك النقاط التي تُمارَسُ علاقات القوة عندها بالضبط ولذلك تتسم نقاط الصراع والتفاوت والنفي بين السلطة والجماهير وتصبح عريضة جداً ومنتشرة ، كونها لم تكن موزونة  لتثير نقاط الصراع والتفاوت والنفي.

 الأمر الذى لا بدّ لنا من تحديد أوليّ لمسألتين بغاية الأهميّة لموضوعنا وهما: تحديد الشروط الابتدائيّة المُعيقة أو المساعِدة في رؤية وخلق تفاعل سياسي، وتحديد طبيعة نظام الحكم في العراق وبعكسه سوف يكشف لنا أن المواطنين يفقدون الرغبة في المشاركة فى عملية سياسية هشة ومفقودة القوام ، فى إطار القانون والدستور، ولا يجدون القنوات الرسمية التى تعبر عن اهتمامات الناس ومشاكلهم في الوقت الحالي، وان فرص ظهور جماعات وتنظيمات وكيانات متطرفة وشخصيات عشوائية و معدة من معامل أجهزة المخابرات الأجنبية، أمر وارد إلى حد كبير.

 بل والأخطر هو زيادة إمكانية توجيه الجماهير العادية لمسارات غير مأمونة العواقب، ما لم تستقر العملية السياسية  وإحترام حقوق الإنسان ومبادىء الحرية والديمقراطية ، وسعي الشركاء السياسيين إلى الإنسجام والتفاعل لتحقيق الإستقرار في العملية السياسية والعمل من اجل النهوض بالمسؤولية وبالتالي تحقيق الأمن والسيادة في عموم البلاد و يتفاعل المنضمون فيها تفاعلاً حقيقياً وفق الأطر الدستورية فلن تتحقق السيادة ولا الأمن ولا الإعمار ولا التعليم المتطور ولا الإستثمار الأمثل للثروات ،في ظل عجز الأطراف السياسية عن إيجاد خارطة طريق للتفاهم فإن العراق معرَّض لتجدد الفوضى وستبدأ السلطة فيه في التحلل والتشرذم  والانهيار الكامل والثمن الاقتصادي اذا لم تكن الاولويات لها، ويبقى الصراع بين السياسيين معركة من أجل البقاء في نظرهم وهم يعتقدون أن بإمكانهم بحث الثمن فيما بعد وأن المواطن هو الذي يدفع الثمن. وقد علق العلامة ابن خلدون على ذلك وعَنْون في مقدمته الشهيرة بأن الظلم مؤذن بخراب العمران.

 وقال: "ولا تحسبن الظلم إنما هو أخذ المال أو الملك من يد مالكه من غير عوض ولا سبب كما هو المشهور، بل الظلم أعم من ذلك، والمانعون لحقوق الناس ظلمة، وغُصاب الأملاك على العموم ظلمة، ووبال ذلك كله عائد على الدولة بخراب العمران"، و إذا ما أستمر تصارع الطبقة السياسية فيما بينها الذين وضعوا مصالحهم الشخصية والفئوية فوق مصالح شعبهم وبلادهم. والقضية ليست وليدة سنوات اليوم بل عملية ممتدة لسنوات طويلة، فإن ذلك يحرم المواطنين من فرص النجاة والخروج من دوامة الانهيار في جميع مفاصل الدولة، مع ان موت السياسة.

 ليس مسؤولية الشعب البعيد عنها بل هى حالة عامة يعيشها الساسة منذ سنوات طويلة، وهي ميتة عمليا لدى المواطنين لتجاهل حقوقهم وآرائهم وعدم تسليط الضّوء عليهم وعلى احتياجاتهم، وذلك يفقدهم حماسهم واندفاعهم للمشاركة بالإضافة إلى افتقادهم لوجود الحاضنة الموثوقة ، رغم وجود السلطة الشكلي والدليل على عمق الأزمة التي نحن فيها ، وقد تصل الى نقطة لا يمكننا بعدها الرجوع منها،. إلا نذير شؤم وعلامة سوء.

وكلما أغفل هؤلاء القادة أسباب الوهن وبالغوا في تغييب صوت الشعب ،فإن الظلم يهدم الملك و أن العدل أساس الملك، فهل يسمع رجال السلطة في العراق صوت أصحاب الوطن، فهل يقرأون التاريخ إذ فيه العبر، أو يسقطهم ظلمهم وترفهم.

ـــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك