ا.د جهاد كاظم العكيلي ||
منذ أن بدأت الخليقة، ومشكلة الإنسان تمحورت حول، من يتزعم او ينفرد ويظهر من بين الآخرين، وإلا ما الذي دفع بقابيل قتله لأخيه هابيل غير أن قابيل وجد نفسه أنه الأفضل من أخيه بتقديم القربان، طبعا بعد أن أغواه الشيطان، الذي هو أيضا خالف الخالق في قصة السجود، حين نادى ربه أني أفضل الخلق من آدم، لأنك خلقتني من نار وآدم خلقته من طين وعصا ربه وقال لربه : (انظرني إلى يوم يبعثون، فقال فأنك من المنظرين) ..
ومنذ ذلك الزمن يروي لنا التاريخ قصصا عن شؤون شتى في الحياة، فإختلفت الأمم على من يتزعمها، وتطافرت الرؤوس وتطايرت على أسنة السيوف والرماح من اجل أن يبقى هذا أو ذاك على زعامة قومه او أمته ..
وما نحن فيه الآن إلا وكأننا خلقا لذلك السلف الذي نبز الشيطان في قلوبهم لتدبير حال الأوطان والشعوب، فأخذتهم العزة في الملك وحب الجاه والمال، وما أن تجد أوطان تعم فيها حالة عدم الإستقرار ووضوح الرؤى وعدم الإكتراث لبناء هذه البلاد أو تلك إلا إنها حالة ناجمة عن إختلاف وإنشغال ساسة القوم على حُب القيادة او الزعامة، ليكونوا هم المتصدين لأمور الأوطان ..
وعلى ذات السياق بقى حال الوطن يرزح بآلام شعبه وتأخره في كل نواحي الحياة، وهذا ما جعل من الساسة معلقين بأزماتهم لا يخرجون عنها، لأنهم مطوقون بحب الزعامة والرئاسة دون أن يكترثوا لمستقبل أوطانهم وحياة شعوبهم، إذ أصبحت بعض الزعامات قاتلة ومهدمة لأمن وإستقرار البلاد والعباد، بل مهدمة للحياة برمتها، حين أخذت تسيرها المصالح الفردية والنفوذ من دون أن تكترث لمقومات البناء والإعمار والتنمية التي تنشدها الدول في البناء والتقدم، وأهمها محاربة الفساد وتطبيق القانون وتطبيق الإدارة الناجحة التي تعد من الأسس المهمة ومن مقومات بناء الدولة الصحيحة التي تلغى فيها المصالح الفئوية الضيقة وتمجيد الشخوص والزعامات التي ينتهي عندها وجود الوطن والإنسان ..