من الذي سيطوي صفحاتك من ياحاتم سليمان ؟ ومن أين يبدأ الماضي الذي يراد طي صفحاته معك بعد رجوعك ؟ وأين ينتهي؟ عبارة (شبه الجملة) "طي صفحات الماضي" وردت كثيراً بعد عودتك ، ويتذكر الجميع أين ومتى ومع من جرت، وقد اعتقد كثيرون ومنهم كاتب هذه السطور أن صفحات الماضي قد طويت بعد هروبك وانت في أحضان اربيل الغدر ، لكن ماضٍ جديد بدأ مباشرة في اليوم التالي، وقد فتح آلاف الصفحات التي لا أحد يعلم متى ولا كيف ستطوى بعد رجوعك قد يكون بنت جرذ العوجه . "طي صفحات الماضي" عبارة زئبقية مطاطة خادعة لا يستطيع أحد أن يقول ماذا تعني ولا كيف يتم الطي ولا بأي اتجاه؟ ولا ماذا سيطوى وماذا سيتبقى بدون طيٍّ؟ وبعبارة أخرى، في ظل الماضي المكتظ بالمظالم والجرائم والصفحات السوداء، وما أنتجه كل ذلك من ضحايا ومظلومين وقتلى وشهداء ومعوقين ومنهوبة أملاكهم، ومقصية حقوقهم، وهؤلاء يعيشون هذه الوضعية منذ سبع سنوات ونيف ، كيف ستتم عملية طي صفحاتهم معك؟ الماضي الذي يراد طي صفحاته معك كان مليءً بالثنائيات المقيتة: ثنائيات الظالم والمظلوم والقاتل والمقتول والناهب والمنهوب والقاصي والمقصي والساحق ، . . . فكيف ستطوى كل هذه الصفحات السوداء، خصوصاً وأن الظالم والقاتل والناهب والغازي ما يزال هو المتحكم في المشهد، وهو من يدعو إلى طي صفحات هذا ماضيك الأسود ياعلي حاتم سلمان ؟ هل بطريقة "عفا الله عما سلف" وعلى الضحايا أن يلعقوا جراحهم ويقبلوا جبين من قتل أهلهم ونهب حقوقهم وغزا أرضهم واحتل ديارهم ودمر مستقبل أبنائهم وبناتهم وأحفادهم وحفيداتهم؟ جرائم الماضي (الذي يراد طي صفحاته) تتدرج بين النهب والسلب حتى القتل والتدمير، بما في ذلك تدمير الدولة، فإي من هذه الجرائم يمكن طي صفحتها وكيف؟؟ إنني أتحدث عن مظالم الماضي عامة ولا أتحدث عن الجنوب وحده وهو الضحية الأكبر في كل هذا الماضي، وهنا أتساءل: كيف ستطوى صفحات اغتيال شهداء سابيكر ؟ وكيف ستطوى صفحة قتل الابرياء ياعلي حاتم سليمان ومثلها ، وآلاف الضحايا التي ذهبت جراء تحريضك على قتل القوات الامنيه في التظاهرات ؟ وقبلها ضحايا السلب والنهب والتهميش والإقصاء والقتل والاغتيال في في هذه المدن ؟ أعرف أن هناك من سيمتعض من هذه الأسئلة لكنني أؤمن أن القفز على هذه الأسئلة لن يكون إلا شيئا مما يسميه البعض بـ"الكلفتة السياسية" وبمعنى آخر كأنَّ صانعي هذا الماضي البغيض يقولون لضحاياهم: "اسدلوا الستار على جرائمنا وانسوا مظلومياتكم ولا تطالبوا لا بالتعويض ولا باجتثاث أسباب الجريمة، ولا بمحاسبة المجرمين، وإلا استعدوا لجرائم أكبر منها وأشد سوءً" وللحديث بقية
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha