كوثر العزاوي ||
"فُزتُ وربِّ الكعبة""إنّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تعلمون عظيم"!!
أذانٌ بين الفجر والسحر، كان آخر أذانٍ لِعليٍّ من عالَم المُلك يخرقُ الخافقَين من على منبر ليلة القدر إلى حيث عالَم الملكوت!
ويالهولِ ماعرضت تلك الليلة من صورِ الفجيعة قبل الوقوع، بحضور ملائكة السماء ومخلوقات الأرض!! فكلّ شيء يأنُّ ويَحنّ، لم تهدأ صوائح تلك الليلة حتى اتّصلت بنوائح الثقلين، فالكون كله ضجيج ونهيج، وجُلّ الليل همسٌ وعويل، طيورٌ ترفرف ناشرة أجنحة الوداع، هديل الحمائم شجوٌ لصدى المكروب دموعٌ تجوب المُقُل في حيرة المترقّب،صرير الباب والمسمار بلوعة فاطمْ، يجرُّ الثوب هامسا في وَجَل،لاترحل ياعليّ!! يتامى أوجعَهم الخطب فحوّلوا جوعهم إلى صيامِ النَّذر لحياة عليّ! مالخطبُ ياترى! إنه يُسرع الخطى بسكينة العاشقين وصمت المنقطعين، يشدُّ الأزرَ والإِزار منشِدًا أهزوجة العروج والثغر مبتسم"أشدد حيازيمك للموت"ثم يبتسم اخرى والطّرف هائم نحو السماء، هي هي والله الليلة التي وعدنيها حبيبي رسول الله"
وواهن الصوت من وراءه يرجو: أبتاه لاتعجل تمهّل، دَعْنا نرافقك حيث محطّ المصاب!!
إلّا أنّ عليًّا أبى إلّا خلوة العشّاق في سَحَر الهيام، ولا غير المحراب عشُّ الهائمين، وفي عَتمة ليلة الخير، والقَدْر فيها سلام ولا سلام،إذ الكعبة تترجَّل عن صهوة الوجود حانية بانتظار فوز وليدها، والركن والمقام يرتّلان{ والنَّجمُ والشَّجرُ يَسْجدان} {سلام هي حتى مطلع الفجر} أوانٌ يسير، وإذا بجبريل هاتفًا مسترجِعًا ، ياسيدي ياصانع السلام، ياسجدة الهيام قد{اقتربتِ الساعة}! ألا ياأهل الثقلين قد{انشقّ القمر} وانفلقت هامة القرآن بين الفجر والسحر، قد خفَقَ المحراب وتزلزل المنبر، ارتفع الأذان!! حيَّ على الجنان{فزت وربّّ الكعبة}فكبّرَ الوجود وأحمرّت السماء ورُجّت الأرض، وناحت الأكوان وماجت البحار والحيتان! وضجّت الملائكة واهل السماء بالبكاء، وهبَّتْ ريحٌ عاصفٌ،وصوت الروح يصدح بين الأرض والسماء"تهدمت والله أركان الهدى"وانطمست والله نجوم السماء وكوِّرت شمس الضحى وانفصمت والله العروة الوثقى!! قُتِلَ ابن عمّ المصطفى، قُتِلَ الوصيّ المجتبى، قُتِلَ عليّ المرتضى، قُتِلَ والله سيد الأوصياء، قتله أشقى الأشقياء، واعلياه!! إنهُ الفوز العظيم والعاقبة للمتقين، وكان ماكان بعدكَ ياعليّ!!
ليلة الجرح العلوي١٤٤٣هج ٢٠-٤-٢٠٢٢م