المقالات

القيادة فن وروبل وذهب..!


محمد شريف أبو ميسم   ||

 

ثمة قول مفاده “تتجسد القيادة في تحويل ما هو محنة الى مكاسب” . وفي هذا القول دالة تتخطى نمطية اتخاذ القرارات عند القائد إلى مساحة البعد الستراتيجي في ردات الفعل. وبعيدا عن الشخصنة أو الانحياز لهذا الموقف أو ذاك بشأن ما يقال حول الحرب في أوكرانيا. فإن طبيعة سلسلة القرارات والأحداث التي شهدناها بدخول الحرب، منحتنا درسا في كيفية النظر لمفهوم القيادة، وإمكانية الخوض في تصور جديد عن مفهوم صناعة القرار.

اذ إن ردود الأفعال على قرار الحرب تعدت ما متعارف عليه بشأن العقوبات، إذ بلغت العقوبات على روسيا نحو خمسة آلاف عقوبة خلال بضعة أيام، متعدية ما فرض على ايران عبر سنين، حيث بلغت أقصاها ثلاثة آلاف وخمسمئة عقوبة في عهد الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”. فيما يبدو الأمر مختلفا مع روسيا حيث عزلت عن الاقتصاد والانترنت العالميين من الوهلة الأولى، وفرض عليها حصار رقمي، وجمدت أرصدتها، وتم ايقاف التعامل بنظام “سويفت” للتبادلات المالية، ومحو ثروات كبار أغنياء روسيا، وعلى إثر ذلك تعرض الروبل الروسي إلى انخفاضات كبيرة.

بيد أن اللافت، هنا هو مناورة الجانب الروسي في الحسابات الستراتيجية، وقدرته على قلب المعادلات، فبعد الانخفاض الكبير في سعر صرف الروبل على اثر هذه العقوبات، قررت موسكو تسعير الغاز والنفط للدول غير الصديقة بالعملة الروسية، ما جعل الإقبال على شراء “الروبل” في أعلى حالاته، اذ يضطر الغرب مرغما إلى الحصول على الروبل، فترتفع قيمته أمام الدولار واليورو، الأمر الذي وضع الولايات المتحدة وحلفاءها في أوروبا أمام خيارات صعبة، إذ إن روسيا لم توظف حاجة دول الاتحاد الأوربي للغاز والنفط الروسي في تعظيم مساحة التداول بالروبل وجعله عملة أساسية مقابل انحسار مساحة تداول الدولار وحسب، وانما استطاعت أن تعظم احتياط النقد الأجنبي داخل روسيا، وتحل نظام “مير” الروسي للحوالات المالية محل نظام سويفت الذي تسيطر عليه أميركا، وهذه فرصة لكسر احتكار نظام سويفت وانهاء سيطرته على التبادلات والتعاملات المالية. بينما سيكون الأهم من كل ذلك هو قرار تسعير الروبل بالذهب، اذ تشير تقارير إلى أن الاتحاد الأوروبي يحتاج الى 6.6 مليار روبل يوميا لشراء النفط والغاز الروسي. وسعر غرام الذهب يبلغ نحو 60 دولارا، أي ما يعادل 600 روبل، ما يعني أن على الاتحاد الأوروبي توفير 11 طنا يوميا من الذهب لشراء 6.6 مليار روبل،، ولو تم ذلك سوف يؤدى إلى استحواذ روسيا على معظم احتياطي الذهب في البنوك المركزية الأميركية والأوروبية. الأمر الذي ينذر بإفلاس أوروبي على المدى القريب. والمفارقة أن روسيا أحد أهم الدول المنتجة للذهب في العالم.

ــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك