د. علي الطويل ||
لاتكاد تنتهي أزمة في العراق الا برزت واحدة أخرى اكبر منها او تساويها، فمن أزمة ارتفاع سعر الدولار الى أزمة تشكيل الحكومة، ومن أزمة التهجم على الرموز الشيعية إلى أزمة ارتفاع الأسعار في الأسواق ، ومن أزمة الصرخية والاعلان عن عقيدتهم المنحرفة الى أزمة الوقود ، إن توالي الأزمات بهذا الشكل يجعل المتابع لايرى فيها الا انها مصنوعة ومبتكره لغايات وأهداف تصب في صالح من يقف وراءها، فقد أصبح العراقيون خبراء وينظرون ماوراء الستار، ولاتنطلي عليهم خدع الحكومات او الساسة، وهذا ناتج من خبرة ال35 سنة من صناعة الأزمات، ثم تلتها سنوات مابعد نظام صدام لتجعلهم خبراء بمكر الحكام.
وسياسة الالهاء تستخدمها الحكومات، عبر خلق أزمات حادة لصرف نظر الأفراد عن المشكلات الأساسية التي يراد تمريرها ثم تتبعها عملية قطف ثمار هذه السياسة وتكون مكملة للخطوة الأولى وتسمى اقتراح الحلول، وبالتالي فإن من قام بصناعة الأزمة يصبح بطلا لدى الرأي العام. ويبقى الشعب يعيش بأمل (غدا سيكون افضل). إذن فلا بد لتغطية ازمة معينة من خلق أزمة اكبر منها بحيث تهون الأولى وتصبح في طي النسيان، ويرضى الرأي العام، وخاصة عندما لايملك وعيا لحجمها وتأثيرها هي أو الازمة الاخرى الأكبر منها.
فالتحكم بالحشود أصبح علما مستقلا بذاته، ويدرس في المعاهد العلمية، والالهاء أصبح مهارة ودهاء تستخدمها اليد التي لها اليد الطولى في الإعلام، ومن يملك الجيوش الإلكترونية يكون سيدا في تحويل انتباه الرأي العام نحو الأزمات التي يظهرها للسطح ليخفي في اعماقها مصالح وأهداف ذات ابعاد أخطر، و لايستطيع ان يفكك هذا المكر الا من يغوص في اعماقها، وينظر لما وراء الأزمات ومن ينفخ فيها، ليستنتج الأهداف والمرامي التي خلفها. لذلك ومن هذا المنطلق ان أزمات العراق ستتوالى ولا احد يستطيع التكهن بنهايتها، مادام هناك من يعتاش على آثارها ويقطف ثمارها.
14/4/2022