محمد كاظم خضير ||
كاتب ومحلل سياسي
تأجّلةجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في جلسة مجلس النواب لأكثر من مرتين في الشهر الماضي ، بعد أخذ وردّ وخشية من الإعلان عن الانسداد السياسي ، قرار من شأنه أن يُرجع الأمور إلى مرحلة البداية في حال لم يتمَّ الحفاظ على المكاسب التي جرى التوصل إليها خلال الانتخابات ، وفق العديد من المتابعين، لكن هل من السهل الحفاظ على هذه المكاسب في ظل تربُّص عديد القوى الداخلية والخارجية بالعراق ؟
الانسداد السياسي
قبل اسابيع من الجلسة مجلس النواب القادم أصدر الإطار التنسيقي بيان بعد اجتماعه مساء الاثنين وهذا مقتبس من البيان''
"' ان الاطار لم يسعى ولم يطلب الانفراد بالسلطة ولم يعمل على ابعاد الاخرين بل كان حريصا على التعاون معهم، وبالتالي فان الاطار غير معني مطلقا بتحديد مديات زمنية لن تنتج سوى اطالة امد الانسداد السياسي وتعطيل مصالح الناس ويسعى بكل جهده للوصول الى تفاهمات واقعية مع القوى السياسية الاخرى بعيدا عن التفرد او الاقصاء وترتكز على عدم جعل المكون الاكبر اصغر المكونات واضعفها'' وبتالي بهذا البيان يرمي الكره في ملعب تحالف انقاذ وطن الذي يعتبره هو المعيق لعملية تشكيل الحكومه .
،بهذا البيان هو قرارًا بفشل المفاوضات وإنهاء أعمالها، والرجوع إلى وضع ما قبل تأجيل الجلسه .
تأجيل جلسة البرلمان المقبل بعد العيد واستمرار الانسداد السياسي يضع العراق أمام سيناريوهات مفتوحة، خاصة أن العملية السياسية لم تتطرق لهذا الأمر.
جاء هذا البيان نتيجة التأكد من استحالة اختيار شخصيات متوافق عليه في الموعد المحدَّد.
أسباب التأجيل
يعود أسباب الانسداد إلى أسباب عديدة
أن شروط إجراء اختيار شخصيات توافقيه حرة وذات مصداقية وديمقراطية وتوافقية تكون ركيزة أساسية لعودة السلام والاستقرار إلى العراق ، لم تتحقق بعد، في ظل عدم رغبة عدة أطراف في الوصول إلى ذلك.
من الأسباب أيضًا عدم الاستقرار السياسي والانقسام الحادّ في البيت الشيعي وبين مختلف الشخصيات والفعاليات السياسية، فقد كان من المفروض أن تعمل حكومة الوحدة الوطنية بقيادة الإطار التنسيقي على توحيد مؤسسات الدولة، وإيجاد حل للانقسامات الداخلية، إلا أن ذلك لم يحصل والانقسام بقيَ على حاله.
ولا ننسى دور قوى النفوذ الإقليمية والدولية المتغلغلة بلعراق في تأجيل اختيار جلسة البرلمان القادمه ، فهذه القوى تسعى إلى اختيار شخصيه يحسم فيها الحكم لصالح مرشحها أو على الأقل يحظى بموقع مهم في السلطة الجديدة، وإلا فالعرقلة.
هذا البيان هو بمثابة تأجيل جلسة البرلمان المنتظر لموعد قادم لم يحدَّد بعد، حتى تجنِّب البلاد ويلات تداعيات القيام بانتخاب شخصيات في الوضع الحالي، فالاستمرار في عدم تغير هذه الشخصيات في الوضع الحالي وبمثل هذه الشاكلة سيزيد الوضع تعقيدًا وسيدخل البلاد في متاهات كبرى.
نفهم من هنا أن الواقع المحلي والإقليمي والعالمي لا يبدو قابلًا للتشكُّل في اتجاه إنجاز انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية، تُفرز قيادة جديدة كما يرغب بها العراقيين فعلًا، فالجميع يعمل لمصلحته الخاصة فقط، أما مصلحة العراقيين فلا يفكِّر فيها أحد.
من سيحكم الآن؟
بودر تأجّل جلسة البرلمان المقبله دون إعلان رسمي عن التأجيل، ولم أي موعد جديد، وتركت الباب مفتوحًا لمجلس النواب أو أي سلطة أخرى لاتخاذ ذلك القرار، فهو لا يملك الإطار التنسيقي في ذلك.
تأجيل جلسة البرلمان المقبله يضع العراق أمام سيناريوهات مفتوحة، خاصة أن العملية السياسية لم تتطرق لهذا الأمر، والسؤال المطروح الآن هو "من سيحكم العراق ؟" في ظلّ عدم الاتفاق مُسبقًا على استمرارية الحكومة ، فالحكومة الحالية انتهت مهمتها في التاريخ المقرَّر فيه.
أحد السيناريوهات المطروحة هو بقاء حكومة مصطفى الكاظمي لتسيير الأعمال وتأجيل جلسة البرلمان مابعد العيد لفترة زمنية قصيرة، مما يؤدي إلى زيادة التدخلات من قوى داخلية وخارجية، والوصول إلى انتخاب شخصيه تحظى بحدٍّ أدنى من التوافقات.
يبدو أن اختيار رئيس الوزراء بدون تتدخل قوه خارجيه وولوج العراق إلى معترك الحكم الديمقراطي ما زال بعيد المنال.
أما السيناريو الثاني فهو ذهاب الإطار التنسيقي و تخالف انقاذ وطن إلى حوار جديد ، للخروج باتفاقات جديدة حول خارطة طريقة تنشئ ، إلى اختيار شخصيات منتفق عليها ، وهذا الأمر سيأخذ وقتًا طويلًا وفرص نجاحه كفرص فشله، فالنتيجة غير مضمونة.
يوجد سيناريو الثالث يمكن الذهاب إليه بعد تعذُّر إلانتفاق على شخصيات هو حل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكره آخره.
سيناريو مخيف، وهو عودة الفوضى والعنف والاقتتال في البلاد، فبعض السياسين الراغبين في تسلُّم السلطة مهما كلفها الأمر، على أهبّة الاستعداد للانقضاض على العراق ، فالوصول إلى الحكم يبرر الوسائل المستعمَلة، ما دام ليس هناك رادع.
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha