المقالات

القضاء والناس، وما هو أعظم ..

1651 2022-03-16

أ.د. جهاد كاظم العكيلي ||   سأل قاضٍ كان يتوسط جمع من الناس، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : يا أمير المؤمنين، هل يوجد شيئ أكبر من السموات والأرض؟، فقال بلا، فقال : ما هو؟ ، فقال : إتهام بريء ..  أقول هذا، وأنا أتعرض في هذا المقال لأهمية ومكانة القضاء ودوره في إحقاق الحق في حياة الناس، ويقينا أن ذلك لم يكن لِيحصل لولا أن الصدق والأمانة كانتا هما الصفتان المنتشرتان بين صفوف الناس حتى صار يُقال إذا أنصف الناس إرتاح القُضاة، وهذا المثل كان يُضرب هو الآخر في الوقت الذي كانت فيه القناعة عند سائر الناس هي الصفة السائدة لتنظيم شؤون الحياة ..  وكان قد رافق ذلك كله، لا سيما عند الذين يخافون الله ويخشونه بيوم الحساب العظيم، لذلك كانت أمور التداول من قبل الجهات المعنية والنظر في القضايا الإنسانية واضحة بسبب صدق النوايا الحَسَنة التي تسود التعاملات اليومية أو بإدارة الأعمال في تسير المعاملات بين الدولة والناس، ومنها على سبيل المثال معاملات البيع والشراء التي تتعلق بحقوق الناس، لذلك نجد أن القضاة وأصحاب الشأن المسؤولين عن تقرير مصير العباد والبت في الأحكام في قضايا تتعلق بخلافاتهم، لا ولن يبخسوا حقوق الناس فيعطون كل ذي حق حقه، ويوم كان للقانون هيبة وسطوة تمثلان الفيصل الأساسي في تنظيم وإدارة العلاقات الإنسانية لتسير أمور الحياة .. وعلى العكس من ذلك شاهدنا النقيض، عندما تدهورت إدارة الدولة وفقدت سيطرتها على فرض النظام والقانون حتى صار يُقابل ذلك تراجع الأخلاق وإنعدامها في أغلب الأحيان وغياب الأسس والمبادئ العامة التي تنظم حياة الناس، وهنا تكمن أهمية تفعيل القضاء لدوره كما يجب وينبغي، فإذا تراجع القضاء في إنصاف البريء وصاحب الحق ضد أهل الباطل، فلن يُزيد الناس إلا تعبا وتحسرا ومرارة ، وحينها ستعم الفوضى والفساد بشكل مُتزايد كما يحصل الأن وستختل موازين الحياة وتتفاقم أكثر وأكثر حين يكون العامل المادي أحد تلك الأسباب ..   وعلى هذا السياق يصبح السارق هو الذي يتحكم بالقانون، وهو من يتولى تسيير الأمور بحسب أهوائه ورغباته، فيعم الظلم وتسلب حقوق الناس، وحينها سيتولى جُهلاء قوم مضافين زمام الأمور، فيتراجع دور القضاء في البت بأمور وحاجات الناس، فتعم الرشى وتزداد الفوضى وحينها لم يعد للقانون والنظام دورا إلا مجرد كلمات تتصدران أوامر القضاء من دون معنى ..   وفي هذا المعنى السلبي لطالما تم إطلاق سراح الكثير من المجرمين والسارقين، وهم الذين إستباحوا أرواح الناس قبل أن يستبيحوا أموالهم وسرقة أرزاقهم وهدر حقوقهم، حتى     إنتشر الفقر والجوع وإزداد جيوش البطالة ناهيك عن جيوش مُضافة تُقاتل ليل نهار للبحث عن فرصة عمل لسد الرمق بأبسط مستلزمات الحياة ومتطلباتها التي تم تغيبها هي الأخرى مع سبق الإصرار والترصد، ويقينا أن كل هذا لم يكن ليحصل إلا بسب غياب القانون والنظام وبسبب الإنحراف الجزئي في عمل القضاء عن طريق الخضوع للتأثير السياسي، ما يزرع الخوف بين صفوف الناس ..  وفي حياتنا اليومية الكثير من الصور والمشاهد المؤلمة التي تسبب بها تغييب القانون الذي تسبب هو الآخر بتغييب دور القضاء وعرقلة تطبيقه للحق والعدل والإنصاف، فظهرت لنا الكثير من الغرائب والعجائب التي يتندر بها الناس، حتى صِرنا أمام مُعادلة صعبة بل لغز لا يُمكن حله، طرفيها تغييب حق الناس في الحياة والعيش بكرامة، وتغييب دور القضاء وهو يسعى لإنصاف تلك الحقوق والسير بها على خط العدالة بسبب الظروف المحيطة به، وهو الذي يعي تماما أن الدول المتحضرة وضعت أول ما وضعت نصب عينيها مقاسات فرض النظام والقانون وإقامة العدل أساسا لنهوضها وتقدمها، ذلك أنها تؤمن إيما إيمان من أن تفعيل القانون وبسط النظام يشكلان أساسا للمُلك والعدل، وإن إهتزت أركان العدل سقط المُلك، وإنتشر الظلم ..
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك