عطور الموسوي ||
وتستمر صديقتي بالحديث :كربلاء بدت تتنفس هواءا نقيا خاليا من دنس البعثيين، رأيت الشباب المؤمنين وهم يقفون متأهبين لخدمة الأهالي بكل رحابة صدر وكلماتهم الحانية لأهلي كربلاء.. بينما جثث المجرمين البعثيين انتشرت في شوارعها وقد سر الناس لهذه النهاية لهم على الرغم من أنها لا تتناسب مع جرائمهم وعدد العوائل التي أبيدت بسبب تجسسهم و تقاريرهم الصفراء لساداتهم البعثيين . .
رأيت الحرمين الحسيني والعباسي قد أحيطا بالمجاهدين المسلحين يحمونها، والأجواء هادئة جدا والناس مستبشرين وقد ارتاحوا من أذى البعثيين الذين طغوا طغيانا كبيرا وتجاهروا بكل ما حرم الله، وانتشرت سيطرات من الشباب المؤمن المنتفض في الشوارع الرئيسية وبعض الأزقة تحسبا لغدر من فر من مجرمي البعث.
وأنا أتقدم الى محلتي توجست خيفة وصارت الدقائق التي اجتاز بها زقاقنا وصولا الى بيتنا كأنها دهورا.. أمواج من الأفكار تقاذفتني وأسئلة تلّح عليّ هل هما حيان؟ ماذا لو غدر بهما جارنا البعثي؟ قدماي تخطوان بتثاقل وقلق، وإذا بي أجد الجيران منتشرين في الزقاق ومعهم أختي وولدي علي وهم ينتظرونني بقلق غامر، استقبلوني بفرح وزغاريد ليس على سلامتي فحسب وإنما لزوال حكم الطاغية صدام وزبانيته المجرمين.. تنفست الصعداء وسجدت شكرا لله وأنا أطأ مدخل بيتي، وتعلق بي ولدا مسرورا وقد أخذتني نوبة بكاء وكأنني أردت بها إزالة غمامة حزن عميق سكنت نفسي منذ أعوام طويلة، احتضنتني أختي ورددت بصوت متهدج بالبكاء:" الحمد لله ما خيّبنا أبو الفضل جار ونعم الجار".
وبدأنا ندعم الانتفاضة وأبطالها بما نستطيع
ولأن سقوط سلطة البعث حلما صعب المنال وقد تحقق، فهي نعمة تستوجب شكرانا، فعزمت على أن لا أضيع لحظة دون أن أقدم ما بوسعي لهذه الانتفاضة الحلم، وصرت وبعض الأخوات من عوائل المضحين نتفقد احتياجات الشباب في المفارز ونقدم لهم طعاما وشرابا، ونتفقد الجرحى عند أهاليهم وفي المستشفيات، شعورنا نابع من العرفان والامتنان لتضحياتهم وبطولاتهم.
علمنا أن الجرحى بحاجة الى تبرع بالدم في ظل الحصار الحكومي، وسارعنا وعدد كبير من الأهالي الى المستوصفات الصحية التي استمرت كوادرها الوطنية بالعمل طيلة ساعات اليوم، وهناك وجدت أخوات متطوعات لخدمة الجرحى
ومنهم أخت صديقة لي وهي التي تولت سحب الدم.
بقينا نتفقد الوضع ونقدم ما يتاح لنا وقد كان نقص شديد في المعدات الطبية لكثرة الجرحى وهي مواجهة غير متكافئة من جميع المعايير، فلا غر وإن تكون خسائر الثوار العزل فادحة أمام جيش من أطور جيوش العلم يقاد بعقيدة بعثية إقصائية لا تعرف للرحمة سبيلا.
خاب من استولى غصبا على بيوت الناس
في نفس زقاقنا الذي نقطنه من أربعين سنة كانت بيوت لعوائل تم تسفيرها بذريعة تبعيتهم الإيرانية، وهذه البيوت غالبا ما يستولي عليها البعثيون وحسب درجة انغماسهم في الإجرام، من هذه البيوت بيتين متجاورين قد استولى عليها أحدهم وعائلته من أرذل ما خلق الله يمتهنون كل رذيلة، انه حسن هو واهله كلهم ساقطين وكانوا مستولين غصبا على بيت الشهيدتين فاطمة ورضية جواد تقي، حسن هادي يسموه ابو الامن كان والد حسن مستحل عدة بيوت مغصوبه تابعه للعوائل المسفرة هذا حسن كان محاربني كوني زوجة سجين وعلى الدوام يربكني ويحرجني أمام الناس ويترصدني أينما ذهبت وكأنني هدف موكل بمتابعته من قبل أسياده، نعم كان يراقبني وعند خروجي من البيت يظل يصيح بسخرية وشماتة : "مرت المعدم وين زوجك؟"
ولأنه مجاور بيتنا يعبر دائما على سطح بيتنا وهو سكران ويمد راسه من السياج ويصيح :"الا اخلّص عليكم .. "كدنا وأختي المريضة نجن من الخوف وأبني علي يصرخ من الخوف وقد لا أبالغ إن قلت والله آثار ممارساته الخبيثة تلك نعاني منها لحد الان.. ومن الخوف صارت بي حالة نفسية، وسبحان الله لأن المؤمنين قلوبهم تتراحم مع بعضها، زارتني صباح يوم احدى صديقاتي وهي من عوائل المضحين وسألتني ما بك عزيزتي ؟ البارحة ما نمت للصبح رأيتك في المنام وأنت ترتجفين وتتوسلين صارخة وترددين :" خلصوني من حسن أبو الامن".
وللحكاية تتمة ...
الجمعة 7شعبان 1443
11/3/2022
......
https://telegram.me/buratha