سميرة الموسوي ||
الحق : ما وُضع موضعه من الحكمة فلا يكون إلا في الأمر المستحب الحسن ، والحق لا يدل إلا على الجانب الايجابي من الكلام فالحق لا يكون إلا عدلا وإنصافا .
لجهاد هو بذل الجهد في قضية ما ،فهناك جهاد النفس ،والجهاد بالمال ،والجهاد بالكلام ، وموضوعنا هنا عن الجهاد بالكلام ضد التضليل .
( ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) ، ويقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ( من راى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان ) فما دام التغيير يتعذر باليد فلا نركن الى أضعف الايمان ما دمنا قادرين عليه باللسان ، وهو جهاد عظيم .
العبادة ليست الانزواء لاعلاء إسم الله ما دمنا قادرين على بذل الجهد من أجل فضح التضليل وإبعاد التزييف بقول الحق جهارا نهارا وعلى الملأ ...
( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم ) .
حيثما أتيح لك الوقت والظروف فلا تصمت ولا تحرك شفتيك فحسب بالتكبير والبسملة ،ولكن إجهر بتبيين الحق فاضحا الانحراف ،والتدليس ،وقول الزور ولا سيما إذا كنت قادرا على الكتابة في وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ،فحين تجتمع أصوات الحق تعلو وتؤثر فتغيّر حتما ، وعندئذ تكون مأجورا على جهادك .
( فأصدع بما تؤمر وأعرض عن الجاهلين ) ، و ... وأعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ...
و... الساكت عن الحق شيطان أخرس ...
لتعلوا ألسنتنا بقول الحق ، ولنكن على يقين من النتيجة الايجابية حيث يقول الحق سبحانه وتعالى ( قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) ... وسلّم أمرك الى الله ..( إن أجري إلا على الله الذي فطرني أفلا تعقلون ) وعندئذ لا ينبغي لنا أن نيأس أو نحزن ... ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون إن كنتم مؤمنين ).
لا نقف كثيرا قبل أن نؤدي جهادنا إلا من أجل أن نتدبر الامور وندرسها ونميزها بالعقل والضمير وعندئذ نبدأ ( أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) .
لنعلم ان الحرب هي آخر الحلول بعد جهاد التبيين والاصلاح ، فالامام الحسين عليه السلام أضطر للحرب بعد ان أجبر عليها ، وحين أضطر قال... لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد ... وقال عليه السلام في سياق جهاد التبيين .. هيهات منا الذلة ... فخروجه كان من أجل الاصلاح ، وقد بيّن ذلك بقوله... ما خرجت إلا لطلب الاصلاح في أمة جدي...
جهاد التبيين هو جهاد الانبياء والائمة بإصلاح المجتمع بسلاح الكلمة والموعظة الحسنة .
لنتذكر بلا هوادة الامام السجاد عليه السلام فقد كان يؤدي دوره كإمام في جهاد التبيين بإعلام المجتمع بكل شيء وأكبر شاهد على كلماته وأدعيته التي جمعها كتاب ( الصحيفة السجادية ) والتي لا زالت خالدة الى يومنا الحاضر ،وقد إستفاد الكثير من المصلحين من رسالته ( رسالة الحقوق ) التي تعد أرقى حقوق الانسان على الاطلاق .
الساكت عن الحق شيطان أخرس..
( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيّناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ) .
والى جهاد التبيين تدعونا خطب إمام المتقين عليه السلام التي يضمها كتاب نهج البلاغة ،فكثير منها تبيين للحقائق ، وكان التبيين المبدأ المهم للثورة الحسينية .
لا أحد من الناس غير معني بجهاد التبيين دينيا وإنسانيا ولا سيما كل أولئك الذين يتميزون بقدرتهم على التأثير في الناس وتوعيتهم ، فثمة كمٌ هائل من الاخبار الباطلة والمزورة، والمدلسة تستهدف طمس الحقيقة في العالم عن طريق وسائل الاعلام ، ومواقع التواصل الاجتماعي ، ووكالات الانباء ، ومنظمات مجتمع مدني ، والمنظمات الدولية ، وأحلاف ،وتكتلات ، وغيرها ، وأقرب الامثلة لنا ما نسمعه من تزييف ضد فلسطين و سوريا ،ولبنان ، واليمن ، وليبيا ، وفنزويلا ، وإيران ، وغيرها الكثير من الدول التي تهيمن عليها دول الاستكبار العالمي ...
إن اول من تحدث عن جهاد التبيين( وبحدود علمنا) المرشد الاعلى الايراني بإعتباره جهادا حتميا دينيا وانسانيا ضد التضليل والتحريف ، ولذلك نرى التفاف الشعب حوله التفافا منسجما مع الالتزام بالحق وبمنهج إمام المتقين في الحق والحرية والعدالة والكرامة الانسانية .
.... فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد إستمسك بالعروة الوثقى لا إنفصام لها والله سميع عليم .
٥ شعبان المعظم ١٤٤٣ هج
٩ آذار ٢٠٢٢