المقالات

أوكرانيا..وتدمير العراق

2047 2022-03-06

 

ا.د. جهاد كاظم العكيلي ||

 

في خطابٍ للرئيس الروسي فلاديمير بوتن، حول حربه ضد أوكرانيا، أوضح  فيه مُغالطات السياسة الدولية التي تتبعها أمريكا وحلفاؤها دول الغرب، وهي  تبرر شن الحروب على الدول وتدخلاتها السافرة بطرق وأساليب خارجة عن القانون والأعراف الدولية وحتى القيم والإنسانية، كشف بوتن بخطابه هذا عن تدخلات أمريكا في يوغسلافيا وتفكيكها لدول عدة، وإفغانستان مرورا بالعراق وسوريا.. غير أن أبشع الحروب الأمريكية وحلفاؤها تلك التي وقعت ضد العراق في العام 1991 وفي العام 2003، وما رافقهما من تدخل سافر تحت حجج وذرائع واهية فبركتها بريطانيا بزعامة توني بلير، والرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، ومنها إدعائهما امتلاك العراق لأسلحة جرثومية يمتلكها العراق، وكم كان المشهد فاضحا حين ظهر وزير الخارجية الامريكي من على شاشات التلفزة العالمية وهو يحمل بيده قنينة صغيرة ذات حجم ، مدعيا إنها نوع من أنواع الأسلحة الجرثومة التي يمتلكها العراق ويستهدف من ورائها تدمير العالم ..

بهذه الحجج والذرائع الواهية، وبإستهانة واضحة للمنظومة الأخلاقية التي يفترض أن تحكم العلاقات الدولية تم تدمير العراق وبنيته التحتية تدميرا شاملا وشل الحياة شللا ما بعده شلل، فيما تم إستباحة كل محضور حضاري وإنساني  حتى صح القول المأثور، عندما يختلف اللصان يظهر السارق والمسروق، لحظة إن أظهر الرئيس الروسي بوتن الحقائق جلية وواضحة، عندما شَعَر أن  الغرب الأمريكي أخذ يطرق الباب الروسي لتحجيم دورها وخنقها عسكريا وسياسيا وإقتصاديا كما حصل تماما في العراق، لكن عند الوقوف للمقارنة بين التدخل الروسي في أوكرانيا والتدخل الأمريكي في العراق، سنجد أن البون شاسع وكبير بين ما حدث للعراق من قبل التحالف الأنجلو ــ أمريكي والتدمير الممنهج الذي أستخدم ضده، وهذا ما لا نتمناه أن يحدث لأوكرانيا، ليس إنحيازا لروسيا، ولكن للتذكير ليس إلا ..  

ويبدو أن المنهج الروسي العسكري قد أخذ بعين الإعتبار عدم التعرض إطلاقا بقصف كل ما يتعلق بالحياة الإنسانية في أوكرانيا وأهمها إمدادات الطاقة المحلية والعابرة من روسيا الى اوربا عبر أوكرانيا ، ومنها محطات الغاز والكهرباء إذ لايزال الأوكرانيون يتمتعون بنعمة الماء والكهرباء مثلا بخلاف ما فعلته امريكا حين أقدمت مع سبق الإصرار والترصد على تدمير محطات الكهرباء ولأكثر من مرة في العراق ..

ففي أوكرانيا، وهي العدو المُتحالف مع أمريكا والغرب، الذي يحاول سرطنة الخاصرة الروسية، لم يشمل القصف الروسي تدمير أو تخريب إمدادات الماء،  والجسور، وأنفاق المترو وتدمير أو شل عوامل الإقتصاد والحياة المدنية، كما فعلت ذلك أمريكا في العراق، وبوحشية قاسية، ولم يَقم الجيش الروسي حين دخل كُبريات المدن والمقاطعات الأوكرانية بحرق مقار الوزارات والدوائر البلدية ومخازن المواد الغذائية وصومعات الحبوب، ولم يَقم بسرقة البنوك والمصارف والمتاحف، بل راح يحث الأوكرانيين على مساعدته لإبقاء كل شيئ على حاله، بخلاف فعلت أمريكا بالعراق حين تم تدمير كل شيئ يتعلق بديمومة الحياة الإنسانية وتنفسها، بل شجعت نفر من ذوي النفوس الضعيفة على السرقة العمدية، فيما راحت هي تتولى سرقة ما خف حمله وغلا ثمنه ومنها النفائس والمعادن الثمينة ومعالم العراق الحضارية والأثارية والمسكوكات الذهبية ونوادر أخرى لا تُعد ولا ، وما خفي كان أعظم ..

أو ليس من حقنا، أن نجري تلك المقارنة بين فعل قبيح وفعل نظيف إذا كان للحرب ثمة ضرورة، وأن نُسجل للتاريخ الإنساني الجوانب الأخلاقية في العلاقات الدولية، وأن نلفت نظر الأجيال القادمة إزاء ما حصل وسيحصل في قادمات الأيام في هكذا نزاعات دخلت منهج الحروب بين دول مُتغطرسة (عظمى أو كبرى) كما تدعي، ودول ضعيفة غير قادرة للدفاع عن نفسها، ومن قبيل ذلك أو ليس من حقنا أن نتساءل، لماذا كشفت روسيا اليوم وهي تدافع عن نفسها ضد الخاصرة السرطانية وأسيادها حقيقة تلك الأمور، وراحت تدين بصريح العبارة هي والصين النظام الدولي القائم على الأحادية والتفرد بتدمير العلاقات الدولية بعنوان الغطرسة الأمريكية وذراعها العسكري حلف الناتو ..

إنه حقا نظام غير عادل كما يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في تساؤلاته، ومنها تساؤلات أخرى مفادها، لماذا إلتزمت الكثير من دول العالم ومنها دول اوربية الصمت عن كل ما إقترفته الولايات المتحدة الأمريكية من جرائم وحشية يندى لها جبين الإنسانية بحق عدد من الدول ومنها يوغسلافيا وسوريا والعراق، لا لشيء إلا لزرع الرعب في العالم لكي تحقق مصالحها الإقتصادية وسيطرتها الجيوسياسية والعسكرية ..

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك