سميرة الموسوي ||
الهيبة من الفعل هاب ،وتنطوي على معاني الاحترام والكرامة والخضوع والحذر والامتثال ، فهيبة الدولة هي إحترام الدولة بما فيها احترام مؤسساتها وقوانينها وأشخاصها .
وبما ان مفهوم الدولة مرتبط بذهنية المواطن بمفهوم الوطن ( أرضا ،وشعبا، وحكومة ) فإن الهيبة هي إحترام للوطن ودستوره وقوانينه ومؤسساته قاطبة .
فالدولة تكون محترمة وهيبتها محفوظة حين تكون ممثلة لشعبها تمثيلا حقيقيا صادقا ، وتقدم للشعب كل ما يحتاجه من خدمات ضرورية ولحد إرضائه ، وفضلا عن ذلك فإن من مقتضيات هيبة الدولة ان يكون هناك إقتدار لإنفاذ القوانين العادلة ،وبذلك سيكون المواطنون على تفاعل وتعاون تام .
وهيبة الدولة تقوم أيضا على الموقف منها والنظر اليها ،والتفاعل معها عاطفيا ، فهذا ما يمكن ان نسميه هيبة حيث يمكن من خلاله التأثير في السلوك العام لابناء الدولة والاداء الذي يديم إستمرارها .
ومفهوم الدولة لا يخلو من التعقيد ومن التفسيرات المختلفة، ويتوضح المفهوم في النهاية ،في مجال المسؤولية أساسا حين تتوزع المسؤولية بين القائمين عليها ( مؤسسات ، مناهج،وسائل إعلام ) ،وبين أبناء الدولة أفرادا وجماعات ( عشائر ،أحزاب ، مرجعيات ) ، وفي العراق نفتقد الى التوازن في المسؤولية الذي أثار إشكالات في هيبة الدولة .
إن مفهوم هيبة الدولة وكيفية ترسيخه في أذهان المواطنين لا يكون إلا عبر تطبيق الدستور على الجميع وتأكيد سيادة القانون.
وأزاء ما تقدم فإن دولة مثل أيران إستطاعت ان تحقق هيبة الدولة داخليا ( وطنيا ) وخارجيا ( إقليميا وعالميا ) وأدى ذلك الى تساميها كدولة من الدول المتصفة بالكثير من مقومات الدول الكبرى ،لكونها تعد أحد أقطاب رسم مرحلة جديدة لنظام عالمي عادل جديد ، وتقويض ( هيبة ) دول الاستكبار العالمي لان هيبة هذه الدول غير مكتسبة لمقومات الهيبة التي تحترم فتحترم ، وتنمو وتتقدم بالمواصفات والمناهج الانسانية القائمة على تفاعل صادق بين ( الحكومة ) والشعب أو بين المنهج المعلن للشعب وبين تطبيقاته الخالية من إحترام المنهج الانساني الاساس وهو الحق والحرية والعدالة والكرامة الانسانية .
وتجلت هيبة إيران ،إبتداء، بمباديء ثورتها التي فجرها أعظم ثائر في التاريخ الحديث من حيث قوة تمسكه بمباديء ثورته المستمدة من مباديء الدين الاسلامي ومنهج إمام المتقين عليه السلام في الحق والحرية والعدالة والكرامة الانسانية ، وعند نجاح الثورة الشعبية الخمينية بكل جذريتها تبنى هذا الثائر المتميز والمتفرد بثورته على بقية الثورات العالمية المعاصرة بميزات سامية أهمها أنها لم تنحرف عن مسارات مبادئها وأستمرت تتنامى حتى نبتت دولة حديثة تشارك في رسم المستقبل الحر للبشرية مع دول كبرى أخرى .. تبنى نظرية ولاية الفقيه التي تناسب قيادة وطنه نحو أعلى مستويات الهيبة ، واليوم يقود إيران قائد يؤمن بنظرية مفجر الثورة ويطبقها بحسب إيمان الشعب بها وهو السيد الخامنئي .
وكانت الثورة الايرانية الكبرى قد قوضت أعتى صروح الدكتاتورية في المنطقة التي نسجتها أصابع دول الاستكبار العالمي في إيران ، مما يعني طرد الوجود الاستعماري بأشكاله كافة من الارض الايرانية ثم الاستمرار بالتقدم وفق دستور يمثل حقا ؛ العقد الاجتماعي بين الحكومة والشعب ، وانبثقت من هذا الدستور قوانين مستجيبة لمطالب وتطلعات الشعب ومؤسسات مختلفة كوّنت جدرانا منيعة حصنت هيبة الدولة ورفعتها الى أعلى المصافات كما رسختها في عقول وقلوب وضمائر الشعب .
هذه الهيبة إنبثقت من التفاعل الواثق بين الشعب ومقومات الحكومة ،وما توفر أيضا من صفات مبدئية إسلامية إنسانية في صميم أعضاء الحكومة وقائدها الحائز على شرائط قلما يستطيع أحد حيازتها وهي الشرائط التي حددها الدستور لكي يكون القائد هو ( الولي الفقيه ) .
وقد أنتجت تلك الهيبة الايرانية مهابة إقليمية بالغة السمو ،ثم تقدمت فحازت على ما هي عليه اليوم رغم تكالب أشرار العالم عليها .
إن هيبة إيران تطرح نفسها نموذجا ونبراسا أحق أن يدرس وتؤسس عليه الخطط والستراتيجيات ، وما زالت هذه الهيبة تتسامى لانها قامت على إرادة الشعب .
عند دراسة التجربة تتأكد لدينا حقيقة مهمة هي ان الهيبة ليست إرادة مجردة ،وإنما هي أرادة متبلورة الى فعل شجاع متماسك جاد يجري وفق خطط وسياسات مخلصة .
هذه هيبة جارتنا إيران وكيف تكونت ، فهي أولى للاجابة على من يسأل عن كيفية إستعادة هيبة دولته .
.... هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنّا كنّا نستنسخ ما كنتم تعملون.