السيد محمد الطالقاني ||
لقد رسم لنا الإمام عليّ (عليه السلام) السياسة الحقة التي كان هدفها هو تحرير البشرية من كافة القيود والعبوديات, فكانت حكومته هي الحكومة الإلهية المطلقة والوحيدة التي أرست العدالة الاجتماعية بعد حكومة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم ) , فكان نهج البلاغة أعظم دستور للحياة بشؤونها المادية والمعنوية وأسمى كتاب لتحرير الإنسان، وتعاليمه في التربية المعنوية وإدارة أمور الحكم .
وقد تميزت حياة الإمام عليّ (عليه السلام) بخصال عديدة كان من أوضحها تعامله الانساني المجرد مع الآخرين والمبني على احترام الانسان كإنسان بغض النظر عن أي شيء آخر والمحافظة على حقوقه وشخصيته المادية والمعنوية في أي موقع ومكان ومهما كان حجمه ومستواه, فهو الذي رفض المبايعة من طريق المساومة على المبادئ، لأجل حصد الأنصار المتدافعين على المصالح السلطوية، فهو منهج إنساني يحمي المظلوم، ويدافع عن حقوق الإنسان في الأمن والحرية، ولا يمارس سياسة القوة من أجل فرض الإكراه القانوني لتحقيق الضبط السياسي في الدولة
وحتى في الساعات الاخيرة من حياة امير المؤمنين (عليه السلام ) تجلت أروع صور الانسانية في تعامله مع الرجل الذي ضربه بالسيف وهو في محراب صلاته.
إنه حضور إنساني كبير في قلب استوعب الجميع فدافع عن الفقير والمظلوم والمسلم والمسيحي والأبيض والأسود.
ان هذا المستوى الانساني الرفيع الذي احتوته شخصية الامام علي (عليه السلام) ، هو الذي ارتفع به الى درجات من السمو والخلود قل ان تجد لها نظيراً بعد خاتم الانبياء.
وإننا اليوم ونحن نعيش عصر الفتن والاضطرابات السياسية , وفي عالم عنصري يتحكم فيه استبداد الحكومات الفردية التي تلخص كل شعوبها في فرد يستبيح أنفسهم وأموالهم، عالم تحركه الدوافع المادية البحتة وطموح السلطة والسيطرة, عالم غابت عنه الانسانيه وماتت فيه الضمائر, وسادت فيه الانانيه، حيث يسيطر القوي علي الضعيف بكل لغات العنف.
يجب أن يأخذ القادة المتصدون للحكم دروساً من المنهج الإنساني الذي كان يتصف به امير المؤمنين والتزود من فكره وسياسته لمعالجة الأزمات التي نتعرض اليها يومياً, لان الإسلام أعظم وأرحم من الإنسانية فإن أردت أن تكون إنسانيًا صادقًا فلا سبيل أفضل لك من الإسلام الحقيقي.