د. علي المؤمن ||
قبل أيام كنا في ضيافة "المؤتمر الوطني العام للكورد الفيليين" وأمينه العام الدكتور طارق المندلاوي وقيادة المؤتمر وبعض كوادره، في مكتبهم ببغداد. وقد غمرونا بلطفهم وفضلهم، وهم إخوة وأحبة وأصدقاء أعزاء منذ عقود، وكانوا، كعادة أهلنا الفيليين، كرماء، ودودين، متحدثين أذكياء ولبقين.
دار الحديث حول المظلومية المركبة التي لايزال يعانيها الفيليون في العراق منذ عشرات السنين، وأسبابها، وكيفية معالجتها. وكانوا يعتقدون أن استحقاقهم في مجلس النواب أكثر بكثير من المقعدين اللذين حصلا عليها في الانتخابات الأخيرة؛ فضلاً عن المعاناة القانونية لعشرات الآلاف من الفيليين.
وقد أكدت للأخوة قيادة المؤتمر بأن المعالجة تبدأ من تصحيح المسار التاريخي والديمغرافي، وفي المقدمة رفع اسم القومية الكردية العزيزة عن إسم الشعب الفيلي العزيز؛ لأن الفيليين ليسوا كرداً إطلاقاً؛ بل من القومية اللورية، أي أنهم قومية مستقلة، وهم أبناء عمومة شعوب البختيارية واللك والكلهورية والبويرية، التي هي شعوب تنتمي الى القومية اللورية، وهي بقايا العرق العيلامي (الإيلامي)، وهو عرق مستقل عن الآريين والساميين. وهذا لايمنع اختلاط الأنساب فيما بعد بين اللور وبين القوميات المهاجرة الأخرى، كالفرس والكاسيين (كاشيين) والكرد والآذريين، لكن هذا لايجعلهم جزءاً من أي من هذه القوميات، مع علمي أن كلامي هذا سيغضب الكرد والفرس، وبعض الأخوة الفيليين المنسجمين سياسياً وايديولوجياً مع الأحزاب الكردية.
والفيليون هم سكان شرق دجلة الأصليون، وصولاً الى عمق بلاد فارس، وقد سكن أجداد الفيليين المناطق الحالية لشرق البصرة والعمارة والكوت وديالى؛ قبل الهجرة الآرية الى إيران بأكثر من ثلاثة آلاف سنة، أي أنهم سبقوا الكرد الميديين والفرس الآريين والعرب الساميين في التواجد في ايران والعراق بثلاثة آلاف سنة، وأسسوا أهم وأكبر حضارة في زمانها، وكانت عاصمتهم سوس (شوش) من أعظم عواصم العالم، وتتشبه بأكد وأوروك وبابل. وقد تزامن توسع امبراطوريتهم العيلامية مع الحضارة السومرية والإمبراطوريات الكاسية والسومرية والآشورية والبابلية، وكان بين هذه الإمبراطوريات صراعات وحروب طويلة.
وبعد المعالجة الأولى المثمثلة باستقلال الفيليين وإعلانهم قومية مستقلة، وما يستتبعه من حقوق، تأتي المعالجة الثانية، بالتئام الفيليين العراقيين الأصلاء في إطار قومي عراقي اجتماعي واحد، بمن فيهم ملايين الفيليين وأبناء عمومتهم من اللك والبختيارية والكلهورية والبويرية الذين انتسبوا الى العشائر العربية والكردية، هرباً من ظلم الحكومات الطائفية في العصور العثمانية والملكية والجمهورية. وهو ما سيكشف عن الحجم العددي شبه الحقيقي للقومية الفيلية، والذي لايقل عن 8- 10% من نفوس العراق، أي 3- 4 ملايين نسمة.
ولدي في هذا المجال بحث تاريخي، انثروبولوجي وجينالوجي، من 700 صفحة، تحت عنوان (( إعادة تشكيل الأمة العراقية))، وهو بحث حفري في أصول القوميات والشعوب المكونة للأمة العراقية، وامتداتها الحالية، وسبل إعادة تشكيلها، من أجل إحقاق حقوق الجميع، وتحقيق الاستقرار المكوناتي والتعايش بين أبناء الشعب العراقي، دون تمييز وتهميش وظلم لأحد
https://telegram.me/buratha