عبد الخالق الفلاح ||
من المحال أن يتحقق الأمن السياسي في الدولة الوطنية ، والذي يعد احد اهم امتدادات الأمن الوطني بشقيه الخارجي والداخلي ، اذا افتقد الأفراد في المجتمع لما يطلق عليه باليقظة السياسية ، والتي هي امتداد للوعي السياسي الكلي ، وهذا الأخير هو شرط نفسي للإدراك والفهم المتعمق وتحقيق اليقظة السياسية لما يمر به الفرد من متغيرات ، والمجتمع من متحولات ، سواء كانت تلك المتغيرات ذات بعد داخلي أو عابرة للحدود الوطنية ، والذي يعد العلامة الفارقة بين الانسان في نقطة عدم وعيه و يقظته التي تعني التحرزعما ينبغي و كمال التنبة و الاسْتِعْدادُ للقادم ، وكُلَّما قَوِي الايمان وتمَكَّنَ نورُه مِن القَلْب يزداد حَالةُ اليقظة ، واسْتَنارَ القلبُ برؤية الطَرِيقِ السوي،العراق بلد الحضارات والتاريخ والثقافة الى جانب العديد من البلدان القوية حضارياً يعيش اليوم ازمة كبيرة و لقد امتلأت البلاد بالمبادئ الباطلة والمنحرفة عقلياً وتنسيبها للدين ، أو المنحرفة سياسياً وتنسيبها للديمقراطية والانسانية والمبادئ الخلاقة او الاصلاحات ظلماً ولم يجني الشعب إلأ الضيم والمعاناة والخراب ، كما نشاهده كلما اقتربنا من الانتخابات وما ان تنتهي حتى تسوء الاوضاع عن ما كانت عليه من فوضى وانتكاسات اخلاقية في الممارسات والاعتداء الفج من البعض على البعض الاخر على الهواء، والتضيق على الاراء بالتهديد والوعيد والارعاب ، وبالهمز واللمز ، بدل ان يكون مؤشرات على النضج السياسي والشعور بالمسؤولية في الحد الادنا لدى المتحاورين ومن هنا لذا يوما بعد يوم تنكشف الاوراق الباطلة ويفقد المواطن الثقة بالعملية السياسية و بما يراد بالوطن من قبل الكتل التي تسيطر على الساحة السياسية ، دون وجود اي حلول للمعضلات والمشاكل ، السياسية والحقوقية والأمنية والاقتصادية في منهاج عملهم ، ومنظور العلاقة بين مكونات المجتمع المتقابلة ، الموالية والمعارضة السياسية والحقوقية في الجانب الآخر، وباقي المواطنين من الصامتين ، ولاشك ان الحوار الوطني الصادق من قوى الخيرالمصدومة والمجبرة على الصمت في الوقت الحالي خوفاً من ان تكون ضحية بيد الفوضويين والعابثين والتي تحتاج الى الارضية السليمة بمساحات الامان والنقاء و ان الحاجة اليوم ماسة اكثر من اي وقت مضى للعمل بعزم جاد في مسارالاصلاحات بيد المصلحين الحقيقيين لا العابثين والمتطفلين والمصابين بالتحجر الفكري. فن السيادة السياسية فن فكري يحتاج إلى معرفة وحكمة وتجربة ومرونة، في كيف يأخذ؟ وكيف يعطي؟ وكيف يدير؟ وكيف يتغافل؟ ومن يصادق؟ومن يتارك؟ إلى غيرها، وأكثر الاشخاص الحالين في مكب الفشل ومظاهر الحوكمة ومغرياتها فقط دون ثقافة سياسية حتى أولوياتها و بعيدون عن هذا الفن لتحمل المسؤولية، منقادون من قبل طبقة معينة إلى حيث مصالحهم ، ولذا تراهم محكومين بافكار غير مناسبة مع مجتمعهم، دون توفير المساحة اللازمة للحرية والمؤسسات والأنظمة وأن توفر لنفسها هذا الفن عملياً ، حتى تتأهل لقيادة الحياة والتقدم بالأمة إلى الأمام .
القوى السياسية الحقيقية عليها مسؤولية في أن تستهوي الناس أدبياً ومادياً، و يقول الكاتب والمؤرخ الراحل محمد حسنين هيكل: «إن تاريخ كل أمة خط متصل، قد يصعد الخطأ و يهبط، و قد يدور حول نفسه أو ينحني ولكنه لا ينقطع ،وهكذا نرى مستقبل بلادنا وذلك يتوقف على عدة عوامل، التي من جملتها النظام، والجماهيرية،والنتائج الحسنة، والدعاية الصادقة، وقضاء الحاجات، والمبادرة، والشجاعة، واستباق الزمن، والتجدد ، ومواكبة الحضارة ، وغيرها ، فالناس إذا رأوا نظاماً دقيقاً ، والتفاف الناس حول شيء أو اشخاص لديهم الحس الوطني وايمانهم بحق المواطنة التي تحتاج الى تجربة ، وإن نتائج هؤلاء أو المؤسسة اذا كانت ناجحة و رفيعة، ولها مبادرات ، وغيرذلك ، التفوا حولهم ، وبقدر التفاف الناس يتمكن الإنسان أن يخدم بلده.
القيادات السياسية عليها أن تفهم عالم السياسة ، بمختلف الجوانب، ، واحتمالات المستقبل القريب والبعيد، والمعاكسات والمعالجات،والحلول، والمتناقضات التي بين الكتل والفئات ، إلى غير ذلك من الممارسات السياسية، فإن لم يكن ذلك تكون أقوى الأحزاب والكتل معرضة للسقوط والاضمحلال ، فكيف بمثل بلادنا التي تأخرت إلى الذيل في هذا القرن و إني أرى وجوب تفهم جميع أفراد المجتمع السياسة بقدر ما يتناسب، مع مفهوم اوليات السياسة وارتباطه بكل شؤون الإنسان، وعدم تفهمها على اعتبارات عابرة انما حياتية في ظل الجهل الفاضح و تأخر أفراد المجتمع في مختلف ميادين الحياة.
https://telegram.me/buratha