د. حسين القاصد ||
أيام كنت مدير عام الشؤون الثقافية العامة.. شددت على موظفي الاستعلامات أن يتعاملوا مع الأدباء والمثقفين بما يليق بمكانتهم.. وأن يخلع الموظف وجهه الرسمي المتفاقم من شدة الكبرياء الفارغة التي توفر له نسقاً تعويضيا عما يعانيه من تعسف إداري من رؤسائه.
كان ذلك العمل في وقت قصير جدا، استطعنا خلاله أن نوصل إصداراتنا ولا سيما المجلات إلى البصرة والموصل رغم ظروف حظر التجوال وجائحة كورونا.
لم أطلب من اتحاد الأدباء والكتاب في العراق أن يراجع الدار لكي يستلم حصته بل كانت سيارات دار الشؤون الثقافية العامة تقوم بإيصالها إلى مقر الاتحاد، بعد التنسيق العالي بيني وبين رئيس الاتحاد والصديق المبدع النابض بالحرص والمحبة عمر السراي.. ليقوم الاتحاد بتوزيع حصص اتحادات المحافظات من دون إلزام المحافظات بالحضور إلى بغداد.
هكذا كنا نتعامل في أمر نستحق أن يقصدنا الأدباء لطلبه، فطلب الكتاب لا مذلة فيه ، لكننا أوكلناه لأصحاب الشأن مع خدمة توصيل.
الآن، وزارة الثقافة تريد إذلال المثقفين لكي يتجمهروا على أبوابها مثل متسولين في أيام القحط.
لا أرى أي مسوغ لهذا الإجراء الذي أعلنته وزارة الثقافة سوى قول أبي الطيب:
جوعان يأكل من زادي ويمسكني
لكي يقال عظيم القدر مقصود!!
نحن في عصر الإلكترونيات وكل شيء بات إلكترونيا، وإذا تعذر ذلك بإمكان لجان التدقيق في وزارة الثقافة أن ترسل ممثلا عنها إلى كل نقابة معنية، وإذا كانت لا تثق حتى بممثليها فلها أن تستعين بخدمة التوصيل لكي يصل مبلغ المنحة إلى المثقف المشمول بها، وللوزارة أن تستقطع مبلغ خدمة التوصيل من منحة الشخص المستفيد؛ وبذلك نكون قد حفظنا كرامتنا وجنبنا كوادر وزارة الثقافة ضغطا مضاعفاً على مهامهم، فضلا عن احترام توصيات التباعد الاجتماعي في ظل تحذيرات الصحة العالمية من ازدياد الإصابات بالوباء اللعين ومتحوره الجديد.
قليل من التفكير في احترام مثقفي العراق قد يجنب وزارة الثقافة آخر مفرقعاتها الإعلامية التي طالما عادت بالضرر عليها.
تذكروا أنها وزارة الثقافة.. وذلك أضعف الإخلاص.
٧ / ١ / ٢٠٢٢
ـــــ