د. علي الطويل ||
من الأمور الثابتة والاساسية للمجاهدين، هو توقعهم للشهادة في كل لحظة، وهذا الأمر من البديهيات لدى المجاهد البسيط، فما بالك بالمجاهد القائد الذي نذر نفسه ووهبها للإسلام ولعقيدته منذ نعومة اظفاره، فالشهيد سليماني والشهيد المهندس تعرضوا للموت مرات ومرات ولم يثنيهم ذلك عن مواقفهم أو يحيدوا عن مبادئهم، وكثير منا كما الشهداء أنفسهم، كانوا يتوقعون أن تقدم أمريكا على اغتيالهم في كل لحظة أثناء المعارك مع داعش ، وبعد انتهاء المعارك ، ونقل ذلك عن الشهيد أبو مهدي في الأيام الأخيرة للتحرير انه يتوقع أن تقوم أمريكا باغتياله . وذلك لشعور أمريكا أن هؤلاء القادة هم أعمدة مشروع ومنهج عقائدي قد يسبب لهم الكثير من المتاعب لإكمال مشروعهم في مابعد داعش في العراق والمنطقة، باعتبارهم يملكون الخبرة والعقيدة والإخلاص الذي يؤهلهم للعب دور فعال في التصدي لمخططاتها ودسائسها.
فهل نجحت أمريكا في مشروعها ؟
الجواب على هذا التساؤل يكمن في معرفتنا بأهداف أمريكا التي إرادتها في هذا الاستهداف ، فامريكا أرادت الاجهاز على المشروع الإسلامي في المنطقة، والقضاء على منهج المقاومة بشكل نهائي ، معتقدة _وبنظرة قاصرة _ ان المشروع الإسلامي قائم على هذين القائدين وبنهايتهما ينتهي هذا المشروع، وهذا الفهم بالتأكيد فهم قاصر، يتكون الاعتقاد من عدم معرفة عقيدة التضحية الحسينية، و ماتفعله دماء الشهداء في بعث الأمة من جديد، وهذا الأمر هو من ثوابت العقيدة الأمامية التي لها مصاديق واضحة وكثيرة على مر التاريخ.
فقد استثمرت قوات الاحتلال الأمريكي حملات شيطنة الجمهورية الإسلامية والحشد الشعبي، والتي دعمتها ماليا إعلاميا عبر ماكناتها المنتشرة في العراق، وقد احتملت أن الأرضية صارت مهيأة لتنفيذ هذه المخطط الخبيث، ضنا منها _وبغباء واضح_ أنه سوف لن يكون هناك من يبكي على هؤلاء القادة أو يندبهم أو يطالب بثأرهم، ولكن الأمر بعد ذلك أصبح صدمة لهم، من خلال مشاهد الملايين من الشعبين العراقي والإيراني وهي تشيع جنازتهما في البلدين. كما أن هذا الحضور الجماهيري قد بين بشكل جلي حالة التلاحم والأنهصار بين الشعبين العراقي والإيراني، وان عمل أمريكا لسنين طويلة لفك عرى العلاقة الروحية هذه، قد قبرت وذهب مابذلته من أموال إدراج الرياح.
وفي الذكرى الثانية وجهت الجماهير المليونية، صفعة أخرى للآمال ألامريكية، وكان ذلك واضح في هتافات الجماهير المطالبة برحيل الأمريكان من العراق والمطالبة بثار الشهداء، فامريكا التي انتهجت كل الوسائل للقضاء على مشروع المقاومة، عسكريا، إعلاميا وسياسيا تجد نفسها اليوم عاجزة عن عرقلة هذا المشروع أو ثنيه عن أهدافه، بل إنه أصبح متجذرا في المجتمع العراق وبشكل عميق، وله حاضنته الشعبية التي كانت وستكون عماد استمراريته ونموه وانتصاره.
3/1/2022