د. عطور الموسوي ||
يوم 22/12/1991
اتحدث اليوم عن لسان عدد من النساء المجاهدات اللواتي وقفن بوجه اعتى طاغية عرفته الانسانية وصمدن كاللبوات في دهاليز قمعه الوحشية فمنهن من نالت الشهادة وتسنمت العلياء بعد ان حكمتها حكومة البعث بالاعدام وفق المادة 156 أ من قانون العقوبات، ومنهن من حكمت بالسجن المؤبد وفق المادة 156 ب من نفس المادة التي عدلها المقبور صدام كونه رئيس مجلس قيادة الثورة المنحل والذي كانت له صلاحيات التشريع واصدار القوانين ..
انه يوم اطلاق سراح ثلة من الاخوة والاخوات سجناء وسجينات وخاصة مادة 156 من سجن الرشاد للنساء القسم السياسي ..
تحررت هذه الحمائم بعد ان صودرت حرياتهن وقضين سنوات ثقيلة في السجن دون اي حقوق للانسان ..
وانى لهن من حق وقد صودر اهما وهو حق الحرية ..
عبرت بعضهن عن هذه الذكرى التي مرت عليها ثلاثة عقود قائلة :
خرجنا وكأننا غرباء بين أهلنا بين فرحة بلقائهم وحزن على فراق اخواتنا اللواتي عشن معهن سنين عجاف ليلها ونهارها، وحرمان من ابسط حقوق الانسان المشروعة، ازدحمت السيارات البرازيلي الحمراء كي تأخذنا الى مديريات الامن كل حسب منطقتها ومن هذه المديريات تم استلامنا من قبل الأهل بعد فراق دام 10 سنوات.
وقالت أخرى :
بنات المحافظات طلعوهن بالليل قبلنا وثاني يوم من الصبح جاء الجلاد ابو فلاح مسؤول الامن للقسم السياسي وطلع من هن على جهة الرصافة فطلعنه نحن بنات الكراده ٤ والمهندستان سميره وليلى وام نبيل وأخذونا الى غرفه الامن في السجن وكانت المديره سناء فرنسيس في توديعنا ولم نصدق اننا لا نراها وسنتخلص من خباثتها وتنسيقها مع نقيب الامن حسن ابو فلاح .. والرقيبات كانت الطيبات منهن تحبس دمعاتها لفراقنا بينما البعثيات ومن تعاون مع الامن اغاظهن هذا الافراج ..
والحرس لا تعابير لهم، بينما سجينات قسم الاحكام الثقيلة (قضايا قتل وقضايا خطيرة غير سياسية )يهلهلن فهن لم يرين منا الا التعامل الانساني، وربما لم يصدقن اننا سنخرج وقد وضع البعثيون علينا خطوطا حمراء ولم نشمل بالعفو السابق عام 1986..
ثم رأينا باب السجن الكبير كله انفتح على مصراعيه وخرج جميع اخواتنا السجينات من سكنة بغداد والفرحة غامرة وبدانا نركب سيارات نيسان دبل جديدة وكل لمديريته فنحن رحنا لأمن الرصافة في الجادريه ورأينا موقوفين هناك ..
أمن الرصافة الكائن في منطقة الجادرية صار الان مدرسة التكامل الاهلية التابعه لاحد الاحزاب الاسلامية بدل ان يجعلوها رمزا شاهدا على الممارسات البعثية القمعية حيث كانوا يستدعوننا اليها كل شهر بدون تهمة فقط لادخال الرعب في قلوب أهالينا ويشعروننا اننا تحت مجهرهم..
وقالت اخرى :
حتما هي ايام لاتنسى ..بعد سنوات طويلة من العذاب والصبر وشتى المحن المتتالية فهم لم يتركوننا بعد التحقيق في المعتقلات واستمر قمعهم حتى في سجن الرشاد.
ولكن الله لطيف بعباده حيث جعل احلى ما في هذه السنوات هو ثبات العقيدة الراسخة لدى الاخوات السجينات بالايمان وبالوقوف ضد فرعون العصر ..والعيش بصحبة خيرة بنات ونساء العراق المؤمنات حقا كان القسم الثالث جمع رحماني يتبادل العلم وتزداد علاقته بالله يوما بعد يوم، وقد وهبنا الله اخوات لنا لم تلدهن امهاتنا..
هي أيام من عمرنا لاننساها حاضرة في ذاكرتنا حتى وان تغافلنا او انشغلنا بهموم الحياة وهموم الوطن.
وللحديث شجون قد لا تتتمكن ان تعبر عنه هذه الثلة المؤمنة من النساء.. اما الاهلون فقد غادر اغلبهم هذه الدنيا بحسرة خروج ابنته من سجون صدام، ومن حظي بذلك مات كمدا على متابعات ازلام البعث وفارق الدنيا قبل ان تكتحل عينيه باعدام جرذ العوجة ..
والى الله المشتكى حيث تلتقي عنده الخصوم وهو الحكم العدل .
22/12/2021
16/جمادي الاولى 1443