عبد الخالق الفلاح ||
من الظواهر المؤلمة والتي تحز بالنفس ظاهرة التسرب من المدارس وهي حالة فتّاكة والتي تمتدّ بذيولها لخلق زعزعة في التوازن المجتمعي على الصعيدين التربوي والاجتماعي والموجودة في جميع البلدان وهدر تربوي هائل وضياع لثروات المجتمعات المادية والمعنوية ، ولم يكن العراق بعيداً عن هذه الظاهرة وأصبحت حقيقة صارخة، وليست بحاجة إلى بحث دقيق ،وفشل وزارة التربية في ادارة امورها بالشكل السالم في ظل النقص الهائل في بلد غني من المدارس بنسبة تفوق 40% وقلة خبرة الكوادر التعليمية وتسرب التخصيصات الى جيوب المافيات والاوضاع السياسية التي عصفت بالبلاد منذ عام 1990والحصار الاقتصادي ثم مجريات الأحداث السياسية من توترات وأزمات وعدم استقرار الدول وغياب الكفاءات والخبرات ومن ثم الحرب ضد العصابات الاجرامية التي احتلت اجزاء من الوطن والفساد والسرقات التي حلت بعد سقوط النظام السابق واصبحت مشكلة اجتماعية والحكومة بتخبطها وفشلها وغياب استراتيجيات برنامجية حقيقية، تُعرّض الحكومة طبقة اجتماعية عريضة، وعائلات بأكملها مع جيل كامل إلى خطر الإقصاء والأمية والاضطرابات النفسية، والسقوط في مستنقعات البؤس والعوز والتجهيل.
، فالأشخاص الذين لم يتموا الحد الأدنى من مراحل التعليم الذي تحدده الدولة هم في المستقبل لن يصبح لديهم المعرفة اللازمة لدخول سوق العمل بنجاح. وبهذه الطريقة ، لن يتمكنوا من إيجاد سوى وظائف غير رسمية أو محفوفة بالمخاطر ، مع عدم وجود إمكانية للتقدم. يمكن القول أن هؤلاء الأفراد في وضع غير جيد مقارنة بمن أكملوا دراساتهم. ولا يمكن أن يخلو بلد مع الأسف من هذا الواقع التربوي او الظاهرة التي تمس مستقبل البلاد ويختلفُ تعريف ظاهرةِ التسرّب المدرسي من بلدٍ لآخر تبعاً لقوانينه؛ فالبعض يربطها بالمرحلة الابتدائية بينما البعض الآخر يربطها بالمرحلة المتوسطة، وهناك من يربطها بالمرحلة الثانوية،، و تتفاوت درجات حدتها وتفاقمها من مجتمع إلى آخر، ومن مرحلة دراسية إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى. كما أنه من المستحيل لأي نظام تربوي أن يتخلص نهائياً منها مهما كانت فعاليته أو تطوره. والمتعمق في هذه الظاهرة في الواقع التربوي ، يلاحظ أنها منتشرة في كافة المراحل التعليمية وبصورة متفاوتة، وفي كافة المدارس بغض النظر عن نوعها الحكومية او اهلية وفي كافة المؤسسات التعليمية وبين كافة أوساط الطلبة من ذكور وإناث وبين أوساط كافة الطبقات الاجتماعية والاقتصادية.
والتسرب هو إهدار تربوي هائل وتأثيره سلبياً على جميع نواحي المجتمع وبنائه، فهو يزيد من حجم الأمية والبطالة وتضعف البنية الاقتصادية والإنتاجية للمجتمع والفرد، يتفاوت حجم التسرب في المدارس من سنة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى، لكن الاتجاه لهذه الظاهرة في تزايد في العراق.
أن ظاهرة التسرب من النظام التعليمي لها أسباب متعددة ومتشعّبة تختلط فيها الأسباب التربوية مع الأسرية مع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.. وغيرها. ظاهرة التسرب هي نتاج لمجموعة من العوامل والأسباب تتفاعل وتتراكم مع بعضها تصاعديا لتدفع الطالب وبقبول من أسرته إما برضاها أو كأمر واقع إلى خروج الطالب من النظام التعليمي قبل الانتهاء من المرحلة التعليمية التي ابتدأ فيها. تتفاوت حدة أسباب التسرب من حيث درجة تأثيرها على الطالب المتسرب، منها ما تكون أسباباً رئيسة لها تأثير قوي ومباشر وتلعب دوراً حاسماً في عملية التسرب ، وبعضها الآخر يكون تأثيرها ثانوياً،.
وتعود أسباب التسرب للطالب و للأسرة و للمدرسة ، البيئة المدرسية الغير جيدة حيث أن بيئة التعلم لها دور كبير في إقلاع المتعلم عن المدرسة وعدم رغبته في تحصيل العلم كما أن المشاكل النفسية التي يعاني منها المتعلم كالقلق النفسي أو الخوف والتوتر النفسي فتسبب له مرض وهو عامل كبير في انتشار تلك الظاهرة. الخلافات الأسرية والعائلية فالمنزل هو المدرسة الأولى التي ينشأ فيها الفرد والتي تمثل الجزء الأول في بناء شخصية الفرد سواء بالسلب أو بالإيجاب وكثرة المشاكل تؤثر على حاجة الطالب إلى التعليم وزيادة معدلات التسرب الدراسي. البحث عن الرفاهية بكافة أشكالها خارج بيئة التعلم. قلة الدافع الداخلي للتعلم فهناك الكثير من الطلاب لا يمتلكون دوافع داخلية تجاة التعليم و يحتاج إلى دعم نفسي وأسري كبير من أجل التغلب على تلك المشكلة قبل الإنعزال عن الجو الدراسي والهروب من المدرسة التي تمثل الأسرة الثانية للطالب فهي الصحبة الطيبة أو السيئة وبها تنشأ شخصية المتعلم من خلال تفاعلاته مع البيئة والمواقف المختلفة،ولا يوجد فصل بينها وتتفاوت قوتها وفقاً للتأثير السلبي الذي تلعبه في حياة الطالب التربوية. وتضاف كذلك امور اخرى من أهمها، الظواهر 1-الرسوم الدراسية الباهظة 2-تدني التحصيل الدراسي 3- الاتجاه نحو العمل 4-عدم كفاية اللوازم المدرسية .ومن جملة العلاجات التي تساعد في التقليل منها ،يمكن علاج هذه الظاهرة من خلال وضع خطط مناسبة و استراتيجيات وحلول لكل أسباب ظهور تلك المشكلة من الأساس
وتهيئة الظروف الإجتماعية والنفسية لدى الفرد من خلال الأسرة ومشاركة المتعلمين فيها بشكل ي يزيد من روح المنافسة والتعاون ويقلل من المشاكل النفسية وقلة الثقة في النفس وذلك بالتغلب على جميع المشاكل والخلافات التي تؤثر عليه بشكل سلبي كما يأتي دور المدرسة في حل مثل هذه الظواهر باستخدام استراتيجيات تدريسية أكثر فاعلية تقلل من الجمود في المحتوى أو الملل الناشئ عن التعلم بطريقته التقليدية لذا يجب أن تتظافر الجهود وتتكامل في ما بينها من أجل الحدّ من انتشار هذه لمعضلة في مجتمعنا، بدءًا من دور الدولة الوزارات المعنية مروراً بمخططات البرامج المتكاملة والدورات التدريبية وبرامج مراكز التعلم المجتمعية والمراسيم التشريعية والتنفيذية وقوانين التربية ومخططات البرامج المتكاملة وصولاً إلى البيئة المحيطة وتشجيع المتعلمين وتقديم الحافز النفسي والمادي لهم مقابل تعلمهم الإدارة الجيدة ، لها دور كبير في حل مشكلة التسرب الدراسي فهي الأساس في ضبط الصف ووضع المعايير الجيدة من أجل الحصول على تعلم أكثر كفاءة في الأنشطة التعليمية
ــــــــ
https://telegram.me/buratha