قاسم العجرش ||
في مثل هكذا يوم قبل أربع سنوات، وأثناء ما كانت معارك شمال غرب نينوى محتدمة، حيث كانت قطعات الحشد الشعبي؛ في حالة اشتباك مباشر مع العدو الداعشي، أعلن رئيس الوزر العراقي آنذاك حيدر العبادي، عن الانتصار الناجز لمعركة العراق على الإرهاب. (أقول الوزر وليس الوزراء)..
أعلن رسميا “النصر الكبير”؛ على تنظيم “الدولة الإسلامية”، وجرى الاحتفاء بإنجاز القوات العراقية، التي أعلن العبادي أنها فرضت سيطرتها على كامل التراب العراقي، بعد أكثر من ثلاث سنوات كان التنظيم المتطرف، يسيطر فيها على ما يقارب ثلث مساحة العراق..وأرسل حيدر العبادي رسائل نصية الى هواتف العراقيين، حملت اسم (يوم النصر) جاء فيها “بوحدتنا وتضحياتنا انتصرنا على الإرهاب، وبالإرادة والوحدة سنقضي على الفساد”.
العبادي شكر أيضا في خطاب له؛ “الدول التي وقفت مع العراق”، وربما كان هذا هو بيت القصيد من استعجال إعلان النصر.
صحيح أن الانتصار كان قاب قوسين أو أدنى، لكنه لم يكن نصرا حاسما، منتهيا باستسلام العدو أو تفكيكه..الذي حصل هو أن الجهة الأجنبية؛ التي شكلت “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام”، قامت بإنزال هذا التنظيم الإرهابي تحت الأرض، بعدما أيقنت أن أداته ويده الضاربة على وشك الهزيمة، إذ فجأة وكفص الملح ذابت مجاميع الإرهاب، ولم يعد لها وجود عملي..أكثرها انسحب نحو مناطق شرق الفرات في سوريا، وقياداته تم نقلها بطائرات هيلكوبتر “التحالف الدولي” الى أنجرليك في تركيا والى نصيبين، والى فلل فاخرة في أربيل وصلاح الدين برعاية بارزانية كريمة..
هنا نستحضر دراسة مهمة نشرت تحت عنوان (الحشد الشعبي ومستقبل العراق) بتأريخ 28 نيسان/أبريل 2017، أعدها كل من (ريناد منصور وفالح عبد الجبّار) لحساب مركز مالكوم كيرـ كارنيغي، و هو مركز تابع للمخابرات الأمريكية ومقرّه في بيروت ـ لبنان. يستند المركز إلى خبراء بارزين في الشؤون الإقليمية، لتوفير تحليلات معمّقة حول القضايا السياسية، والاجتماعية-الاقتصادية، والأمنية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يهدف المركز إلى توفير فهم معمّق للمنطقة لصانع القرار الأمريكي، من خلال توفير دراسات حول التحديات التي تواجه الدول والمواطنين، والتطرّق إلى اتجاهات طويلة الأمد.
في هذه الدراسة المهمة جدا، والتي تعبر بوضوح عن الخطط الأمريكية في العراق، وتتمثل بـ (ضرورة مواصلة تقديم الدعم الذي تحتاجه جهود الحكومة العراقية لفصل المؤسسات الأمنية والسياسية، ومساندة قرارها برفض مسعى قوات الحشد الشعبي كي تُصبح كياناً انتخابياً. كما يجب إثباط أي حزب من استخدام شعبية قوات الحشد ورمزيته للظفر بأصوات الناخبين.)..
هي إشارات واضحة تفسر الموقف المتشنج الذي كان يقفه العبادي إزاء الحشد، ويفسر أيضا وضعه للكثير من المعرقلات بوجه أي تطوير للحشد الشعبي، بل نستذكر هنا مواقفه بمنع الحشد من المشاركة في معارك الموصل والحويجة وكركوك، وهو الأمر الذي أدى الى إطالة أمد القتال في تلك المناطق، وتقديم القوات المسلحة العراقية خسائر ما كان لها أن تفقدها في حال مشاركة الحشد الشعبي..
لقد انتهى الاحتفال بالانتصار، الى معركة مكشوفة خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية، ضد الأبطال صناع الانتصار من رجال الحشد الشعبي، وكانت ذروة المعركة هي قيام (الحليف) الأمريكي، باغتيال قادة النصر علنا وبقرار (دولة) رسمي من الرئيس الأمريكي “ترامب”..
منذ ذلك التأريخ والولايات المتحدة، تماطل بالخروج من أرض العراق، وقبل يومين أعلن مستشار الأمن الوطني العراقي السيد قاسم الأعرجي، عن خروج القوات الأمريكية من العراق، وأن الاتفاق بين العراق والولايات المتحدة وفق الحوار الاستراتيجي، ومخرجات اجتماعات الفرق الفنية مؤخرًا، يقضي بنقل أفراد التحالف ذوي الدور القتالي خارج العراق، والإعلان رسميًا عن إنهاء المهام القتالية قبل نهاية كانون الأول الحالي.
وجاء القول الفصل بنفس الوقت تقريبا، من قائد عسكري أمريكي،أعلن أن قواته باقية في العراق، من أجل المشورة والدعم والتمكين للقوات العراقية، وأن طائراتهم باقية في العراق، وأنهم فقط تخلصوا من القواعد العسكرية غير المهمة، وأنهم ركزوا جهودهم في قواعد محصنة يصعب الوصول اليها، وأبوكم الله يرحمه..!
كلام قبل السلام:عن أي احتفال بالنصر تتحدثون، وقادة النصر قتلتهم أمريكا الدولة الراعية للإرهاب في العالم؟!
سلام..!
ــــــــ
https://telegram.me/buratha