د. عطور الموسوي ||
عندما قررت ان تواكب مسيرة أخيها كانت تعي جيدا أن ثمة مهام كبيرة تنتظرها، مهامٌ ليست نمطية وظروف قاهرة توقعت حدوثها، ولم يكن هذا القرار جديدا عليها وهي التي فقدت أمها في سنوات عمرها الاولى وبعد جرح وفاة جدها لم يندمل، وهي التي عاشت معاني الثبات على المبادئ وعمق الايمان وقد رأت بأم عينيها هامة ابيها تشج بالسيف ويهتف مستبشرا: " فزت ورب الكعبة" واكتوى فؤادها واخوها الحسن يلفظ كبده غدرا ينازع سكرات الموت ويجيب أخاه الحسين: " لايوم كيومك يا ابا عبد الله ".
نعم هي تسير معه تستشرف ذلك اليوم الذي لا يوم مثله وتشخذ همتها لتكمل معه مسيرة الرفض لكل انحراف .
شهدت اخاها ابا الفضل قمر العشيرة يموت عطشا قطيع الكفين ولم يتذوق الماء وفاءا لعطش اخيه الحسين ..
وفي لحظة عروج روح اخيها المذبوح حملت جسدة المقطع إربا بين يديها لتعلن اقوى مواقف الاباء في تاريخ البشر صادحة : " ربنا تقبل منا هذا القربان" هكذا هي وسمات ابيها وامها واخوتها لصيقة بها، تتزود منهم قوة الى قوتها ويتوهج يقينها اتقادا لتكمل مسيرة الاباء.
انها العقيلة زينب الكبرى حفيدة رسول الله وإبنة علي وفاطمة، تلك اللبوة العلوية التي علمتنا الصبر عند الشدائد وان مقارعة الظالمين لا تقتصر على الرجال بل هي واجب على كل مكلف ..
علمتنا معنى اعزة على الكافرين وان لا نستكثر شأنهم وان تظاهروا بالجبروت .. فأفحمت طاغية الشام بلسان الحق المبين وأسقطت هيبته التي اصطنعها بنصر مزعوم وأحالته الى هزيمة نكراء وعرفت العالم حجمه الضئيل غير آبهة بسطوته وظلمه .. فكانت امتدادا لأمها الزهراء التي صدحت بالحق وهالها تزعزع الاسلام بُعيد ابيها بأيام قلائل ..لتثبت للجميع ان اهل البيت وحدة هدف وتعدد ادوار..
سلام على سيدة العفاف في ذكرى مولدها الشريف ..
سلام على من رسمت لنا مسيرة نسوية استمرت عبر القرون، استلهمت منها معاني الرفض والاباء نساء طرزن صفحات التاريخ بأبهى صور الجهاد ورفض الاستكبار مهما تعددت وجوهه واكتسى حللا تموه حقيقة وجهه المكفهر ..
هن قد سرن على خطاها معارضات يزيد زمانهن وعانقن أعواد مشانق الاعدام بكل ثبات يترقبن لحظة اللقاء بها عند مقعد صدق..انهن زينبيات العراق الرافضات لذل الاستكبار المتجسد بحقبة البعث السوداء.
سلام على زينب الحوراء ما طلعت شمس او غربت.. سلام متصل بكل نبضة قلب مقاوم للباطل .
الجمعة10/12/2021
5 جمادي الثانية 1443