زيد نجم الدين ||
بين فترة و اخرى نسمع ان وزيرا من اصول شرقية تم تعيينه في بريطانيا او كندا او في دول متقدمه اخرى ، في الحقيقة هذه الدول فيها احزاب ايضا، و هذه الاحزاب بلا شك هي ممثله او امتداد طبيعي لجماعات و تنظيمات و جماهير ، لكن الفارق ان هذه الاحزاب تعمل من اجل النجاح ، نجاح المشروع العام الذي يتبناه الحزب و تهتف به الجماهير، لذلك تجدها (الاحزاب) تُسخر كل الامكانات و تسلك كل السبل التي تقودها الى غاياها التي تمثل اساس هويتها السياسيه و كيانها المستقل ، لذلك تجد ان الحزب الفلاني يرشح شخص مهاجر او مُجنس لمنصب وزاري او موقع حكومي دون التقييد بتمثيل الفئة التي تَكَون فيها هذا الحزب.
في العراق و بواقعيه مازال الطموح ادنى من ذلك بكثير ، لان الاداء السياسي غير احترافي، و يتحكم به الساسة بمعزل عن النخب و رجال الدولة ، و بطبيعة الحال السياسي يعمل من اجل الوصول الى السلطه اما رجل الدوله فيعمل من اجل انضاج الدوله وتقويم اداءها، قد يكون السياسي رجل دولة بل لابد من ذلك، فالسياسة اداة من ادوات رجل الدولة لكن النشاز و الخلل عندما تتحول الدولة الى اداة بيد السياسي و الحزب.
في العراق اليوم هنالك فرصة جيدة للتقدم بخطوة للامام من خلال تشكيل حكومة اغلبية سياسية، لكن هذا المشروع يصطدم بعدة مطبات منها ؛ طمع الساسه و رغباتهم المستمره في التحاصص و التغانم اضافة الى ان حكومة الاغلبية الاسياسية، بنظر كثير من الاحزاب مقامره لانها قد تنهي مستقبل هذا الحزب او ذلك مبكرا و خصوصا تلك الاحزاب التي تستند في عملها الى الخطاب الشعبوي بدل النخبوي، و على الرغم من ان ولادة حكومة اغلبية سياسية ليس بالامر اليسير الا انها تبقى ممكنه اذا جاءت هذه الخطوه (او النقله في رتابة الاداء السياسي) بشكل تدريجي.
حكومة الاغلبية هي في العادة حكومة مشروع ، لكن في العراق حكومة الاغلبية بحد ذاتها هي مشروع سياسي يستحق الالتفاف حوله حتى تحقيقه و انضاجه، و الواقعيه تحتم علينا ان لا ننتظر حكومة اغلبية مثالية كتلك التي نراها في الديمقراطيات المتقدمه، لكن لا بأس ان نسعى لتشكيل حكومة اغلبية سياسية لكنها بنفس الوقت مقيده و ملزمة بتمثيل المكونات في كوادرها المتقدمه (لا سيما ان التجارب التوافقية السابقة بينت نسب تحقق التوازن المكوناتي)، على اعتبار ان المعايير المثالية لتشكيل حكومة احترافية ما ينبغي ان لا تشتمل على مقيدات التوازن او تمثيل المكون بقدر اشتمالها على معايير الكفاءة و النزاهة.