قاسم العجرش ||
القاعدة العقلية تقول إنه لا يصح إلا الصحيح، والقاعدة القانونية تقول؛ إن ما بني على باطل فهو باطل، وتعود الجذور الفكرية لمقولة (ما بني على باطل فهو باطل)، إلى علم المَنطق، وهي نتيجة من نتائجهِ، إذ يقتضى التفكير المنطقي السليم المجرد، أن يكون أساس التصرفات الفعلية والقولية صحيحا؛ حتى تُنتج آثارها الشرعية أو القانونية.
الأساس هو القاعدة؛ التى تُبنى عليها الأشياء المادية والمعنوية، فإن شاب ذلك الأساس عَيب أو عدم مشروعية، كان باطلا وممتنِعا شرعا وقانونا، ولا أثر له ولا يـفيد حكماً، ويقتضي منطق البطلان؛ إعادة الحال إلى ما كانت عليه أصلا؛ إن كان ذلك ممكناً، فإن الباطل هو نقيض الحق.
قال تعالى «وَلاَ تَلبِسُواْ الحَقَّ بِالبَاطِل» وقال جل في علاه «لِيُحِقَّ الْحَقَّ ويُبطِلَ اَلْباطِل ولَو كَرِه اَلْمجْرِمُون»..ويتحقق البطلان المطلق بالنسبة لكل اتفاق أو تصرف؛ يتعارض مع الدستور أو القانون أو النظام العام، بتحقق الضرر.
هنا ننطلق من تساؤل مشروع، وهو هلْ حلُّ البرلمان العراقي لنفسه في السابع من تشرين الأول الماضي، وعلى أن تجري الانتخابات في العاشر من الشهر نفسه؛ كان إجراءً دستوريا أم أنه كان مخالفة دستورية؟
المادة 64/أولاً/ من الدستور النافذ تقول؛ يحل مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس أثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء .
وثانياً:
يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها ستون يوماً من تأريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مستقيلاً ويواصل تصريف الامور اليومية .
المادة 47/ تتكون السلطات الاتحادية من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات .
لقد كان حل مجلس النواب لنفسه، مخالفا للمادتين (64 و47) الدستوريتين، الضابطتين للحياة السياسية الديمقراطية في العراق، وفقا للدستور العراقي لسنة 2005..
نقيب المحامين قال إن “الدستور واضح في آليات (حل مجلس النواب) وليس من حق البرلمان تعيين يوم لحل نفسه وأن يحدد موعدا لإجراء الانتخابات، وهذا مخالفة صريحة للدستور”، وثمة دعوى قضائية من قبل نقابة المحامين مقامة لدى المحكمة العلية، لم تبت فيها لحد الآن، منوها بأنَّ “الدافع وراء الدعوى ليس لمصلحة حزب أو قائمة أو جهة سياسية وإنما تطبيق الدستور بصورة صحيحة”..
قرار حل البرلمان لنفسه أحدث فراغا دستوريا طويلا، وأخل بفلسفة تكوين السلطات الاتحادية، بل أفرغها من محتواها، وركز السلطات عمليا بيد السلطة التنفيذية(الحكومة)، التي يفترض أن تتحول الى (حكومة تصريف أعمال يومية)، وهو أمر لم يتحقق بتاتا.
الدستور يقول: (لحل مجلس النواب هناك طرق عدة منها بناءً على طلب من رئيس الجمهورية أو ثلث أعضاء البرلمان وخلال 60 يوما من الحل وبعدها يدعو رئيس الجمهورية إلى انتخابات مبكرة، والذي حصل أنَّ حل البرلمان اتخذ قبل أشهر من قبل البرلمان، لذلك كان هناك خلل دستوري، ولابد بعد الحل مباشرة أن يدعو رئيس الجمهورية إلى انتخابات مبكرة؛ ولكن رئيس الجمهورية دعا إلى انتخابات مبكرة قبل حل البرلمان، لذلك هناك مجال للطعن، ولكن يبقى للمحكمة الاتحادية ما تراه والقرار لها.
كلام قبل السلام: هل يُلغي هذا الخطأ الدستوري الانتخابات المبكرة ونتائجها ويكفينا شر فتنتها؟ ربما نعم ، وربما سيفتح الباب لفتنة أكبر، وبالله نستعيذ من شرورها..!
سلام..
https://telegram.me/buratha