سميرة الموسوي ||
غياب المسؤولية الانسانية في أنظمة الحكم في العالم ؛ وتألق نظام ولاية الفقيه في إيران .
ـ ـ المسؤولية الانسانية ؛ التزام مبدئي أخلاقي لإحترام وحماية إنسانية الانسان في العالم ،والعمل بمنهجية إسلامية إجتهادية للدفاع عن الحق والحرية والعدالة والكرامة الانسانية ؛ هذه هي المسؤولية الانسانية الواجب توافرها قاعدة ثابتة في نظام حكم ينتج من إيمان شعبي بنص ومضمون الاية الكريمة ،أو بمضمونها فحسب ( يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) و قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( الناس سواسية كأسنان المشط الواحد لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ) وقول إمام المتقين عليه السلام ( الناس صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق).
وقد نجد في الكثير من دساتير وقوانين أنظمة الحكم بعض مباديء المسؤولية الانسانية إلا إنها في الحقيقة لا تطبق إلا داخل الحدود الوطنية وبإنتقائية أو خارجها من خلال مفوضيات أو وكالات أو منظمات مسيسة ومستغلة من دول الاستكبار فضلا عن إن مكارم الاخلاق لا تشترط في من يتولى القيادات العليا أو ما حولها ،وكل ما يهم هو البرنامج الاقتصادي الذي يوفر المتطلبات الاضافية والكمالية دون ذكر مصادر توفيرها والناخب يوهم نفسه أنه غير معني بأساليب وطرق التوفير مع إن التاريخ يؤكد لهم أن حكوماتهم مستمرة بسلب الشعوب ونهب ثرواتها بالهيمنة والابادة والتجهيل ،فلا حدود أخلاقية مشترطة على قياداتهم .
عموما فإن أنظمة الحكم أما رأسمالية أو إشتراكية أو ملكيات مطلقة تقوم على أبدية البقاء في الحكم أبا عن جد ،وقد خاضت دول الاستكبار حروبا عالمية وإقليمية ومحلية طاحنة تهدف الى الهيمنة على شعوب العالم وثرواتها حتى تمكنت من بناء صروح بمختلف الاختصاصات أساسها الدم والظلم .
مما يلفت الانتباه الى ما يسمى بالديمقراطية والليبرالية الغربية والامريكية هو أن الشعب حين يخوض معترك الانتخابات لا يهتم بالكيفيات التي سينجح المرشح بتحقيق برامجه بها عند الفوز بقدر إهتمامه بنتيجة البرنامج و بصرف النظر عن الآليات ،إذ ليس هناك إشتراطات أنسانية وأخلاقية ومبدئية تحكم مساعي القائد في الاداء ،فكل الوسائل مباحة له وبلا حدود .
ليس ثمة مجال لإستعراض مجريات نمو دول الاستكبار على المستويات كافة فالامثلة لا حصر لها والعاقل من يتعظ .
الحدث الانعطافي التاريخي العالمي في أنظمة الحكم هو نظام الحكم القائم عل نظرية ولاية الفقيه الايرانية والتي تمثل الشروق التاريخي الانساني لنظام حكم عادل سيسود العالم ويثبت أن هذا النظام هو حقيقة المسؤولية الانسانية المعبرة عن إنصاف خلق الله في كل مكان.
نظام ولاية الفقيه او المرشد الاعلى عمل به الامام الخميني عام ١٩٧٩ وحتى وفاته حيث خلفه السيد علي الخامنئي عام ١٩٨٩ ، والنظرية من فضائل الفقه الاسلامي الشيعي،حيث يتولى الولي الفقيه النيابة عن الامام الغائب المهدي ،ويتم الاختيار وفق شرائط هي التي تؤمن إنسياب المسؤولية الانسانية في القيادة ( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد إستمسك بالعروة الوثقى لا إنفصام لها والله سميع عليم ) .
الدستور الايراني أعطى الولي الفقيه صلاحيات واسعة يستخدمها منطلقا من الشروط التي توفرت فيه والتي إنتخبه عليها ( مجلس الخبراء ) المنتخب من الشعب .
ومن الشروط الواجب توافرها في الولي الفقيه لكي يرشح لانتخابه من مجلس الخبراء .
١ ـ العدالة والتقوى العالية .
٢ الخبرة السياسية
٣ ـ العلم بالقانون
٤ ـ القدرة على إدارة وتدبير شؤون الامة
٥ ـ الاطلاع على أو ضاع الامة وتحمل همومها .
٦ ـ قبول الامة به وإختياره قائدا لها .
فإذا إرتأينا دعوة أي شعب الى أن ينظر بتجربة مثل هذا النظام فإننا قد لا نشترط عليه قيامه على أساس الفقه الاسلامي الشيعي ولأي سبب من الاسباب وإنما يمكنه أن ينسّبها بحسب مصلحته وضمن المسؤولية الانسانية لان نظام ولاية الفقيه نظام عالمي سواء أردناه وفق ما هو عليه الان في إيران أو وفق ما يناسب الشعب والبلد الذي قد يتخذه نظاما جديدا للحياة والوصول بواسطته الى ما وصلت اليه إيران الاسلامية ( وهذه مجرد وجهة نظر نطرحها لاجل المناقشة الجدلية ، وقد توافق الجانب الفقهي أم لا ولكن مساحات النقاشات الخيّرة لا حدود لها ) فالمهم توافر الاساس وهو ـ الكفر بالطاغوت ـ الايمان بالله أكبر ـ ولا نستوحش طريق الحق لقلة سالكيه..
لذلك فإننا نرى أن إيران الاسلامية التي يقودها الان السيد الخامنئي تتعامل مع كل دول العالم ومن منطلق عدم الاعتداء على أي شعب أو إستغلاله أو الهيمنة عليه ،بل بالعكس فهي تتعامل من منطلق ( الناس صنفان أما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق) ... (أخ..نظير) وكلا الصنفين لا يشترط أن يكونا من المسلمين وإنما جاءت مطلقة للناس أجمع فلا إعتداء ولا هيمنة وإنما أخوة وإنسانية ،ولذلك أيضا نرى ونتدبر أن هذه الدولة قد تسامت بهذا النظام حتى تعاونت مع الدول الكبرى في رسم مستقبل العالم وتأسيس النظام العالمي الجديد الذي يكفر بالطاغوت= ( الاكراه).
ولم يعاديها سوى أنظمة الاستكبار العالمي ، ويحاولون تشويه نظامها لانه يهز عروش الطغاة ونشر الوعي بالحياة الكريمة لدى الشعوب.
إن دستور جمهورية إيران كان صدى لثورة إسلامية مفصلية في تاريخ الشعوب ،ومن هذا المنطلق أخذ بعدا إنسانيا عالميا لا نراه في أية دساتير أخرى ولا سيما في النواحي التالية؛
١ ـ تأكيد المادة ١٥٢على الدفاع عن حقوق جميع المسلمين .
٢ ـ تأكيد المادة ١٥٤على على أن الجمهورية الاسلامية لن تتوانى عن دعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في كل بقعة من بقاع العالم ،كما أكدت المادة حق جميع شعوب العالم في الاستقلال والحرية ، والحقيقة أن هذه المادة تتفوق على جميع مواد الدساتير في العالم حيث تقول أيضا ( تعتبر الجمهورية الاسلامية الايرانية سعادة الانسان في المجتمع الانساني قضية مقدسة بالنسبة لها ولذلك تعتبر الاستقلال والحرية وقيام حكومة الحق والعدل حقا لجميع الشعوب في العالم وعلى هذا فإن إيران الاسلامية لن تتوانى عن دعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في كل بقاع العالم مع تمسكها بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الاخرى بشكل كامل ) .
إن الضرورة تقتضي الاطلاع على نصوص الدستور الايراني الصادر عام ١٩٧٩وتعديلاته حتى عام ١٩٨٩ ومن خلاله سنعرف ماهية هذه الدولة التي تعاديها الصهيونية العالمية ودول الاستكبار العالمي وقد شكل وجود نظامها الحديث منعطفا مبدئيا إنسانيا عالميا كان له الاثر في تغيير الكثير من المسارات التقليدية السياسية لدول الاستكبار العالمي .
... اليوم تُجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب .
https://telegram.me/buratha