قاسم العجرش ||
كشفت نتائج الانتخابات، التي جرى تزويرها على نطاق واسع، وبشكل ممنهج ومنظم، أن مفوضية الانتخابات؛ إما كانت نائمة خلال ذلك على آذانها؛ بحيث لم تكن تسمع حسيس حركة اللصوص، أو أنها شريك فعلي فيما جرى، وهذا ما تشير إليه قرينة إصرارها؛ على عدم الذهاب الى العد والفرز اليدوي، بعدما طالبت بذلك القوى؛ التي تشعر أن حيفا كبيرا قد لحقها، وهو حق يكفله المنطق؛ قبل أن تكفله القوانين والدستور.
المحصلة من كل هذا الجهد؛ الذي يمكن عده تزويرا، أن الذي يحدث يشكل إخلالا بالتوازن الاستراتيجي، وتغييبا مخططا له للخيارات الوطنية، الأمر الذي يدفع للركون إلى الحقائق القديمة، التي تتذرع بالقبول بالأمر الواقع، خوفاً من اقتحام مجهول لا تُدرك عواقبه.
المُسلّمُ به لدى الغالبية العظمى منا، هو أن اقتحام المجهول يتطلب قفزة إلى المستقبل، ولكن لا أحد يدري أبعاد هذه القفزة، أو المسافة التي يجب أن تقطعها، ولا أحد حتى النخبة السياسية نفسها إن أرادت القفزة، فهي لم تستعد، ولم تعد الاستعداد الأمثل لهذه القفزة، لذا تصعب التوقعات لما هو قادم، وهذا ما يجعل السؤال عن المستقبل؛ أمرًا في غاية الصعوبة والخطورة..!
كل ما نشهده من صراع سياسي، هو بسبب سيادة نموذج “المشاركة” بالحكم، بين “جماعات” من داخل النخبة السياسية، وهي مشاركة تفضي بالمحصلة حتما، الى صراع بين جماعة أصيبت بالكساح، وأخرى أصابها الدوار؛ بسبب غياب مفهوم حقيقي للصراع السياسي، الأمر الذي يقود للفوضى الخلاقة، فأي دولة لا تبني مستقبلها السياسي على ديمقراطية حقيقية، تقوم على أسس عادلة وشفافية متناهية؛ إنما هي بالحقيقة تنتظر الخراب…لذا تحول الصراع من صراع بالكلمات إلى صراع باللكمات..!
ويغدو السؤال إلى أين المسير، سؤال تبدو الإجابة عنه صعبة وسهلة في آن، فالسهلة تقول: إلى انهيار، وهذه إجابة مخيفة.. أما الإجابة الصعبة فتستوجب تحديد أفقها واحتمالاتها؛ وفي هذا ضبط لمساحة الإجابة.
مساحة الإجابة هنا تعني إبتداءً؛ لملمة شتات الجبهة الداخلية، وهذه اللملمة تبدأ بالحوار، الذي يجب أن تشرع به النخبة السياسية المتصدية، بحوار مع نفسها أولا، وتطهرها مما علق فيها من أدران ثانيا، ثم تجلس مع الآخرين..
الآخرون هم ليسوا أولئك؛ الَذين تحاورهم الآن تحت الطاولة، من بقايا البعث أو الانفصاليين الأكراد، الذين ينظرون الى بغداد، على أنها بقرة يحلبونها بنهم، توطئة لتحقيق دولتهم المستقلة، وهو الحلم الذي لا ينكرونه أبدا، ولا مع المحاور السني؛ الذي أقفل وضعه على هدف السلطة ولا شيء غير السلطة،…
لا ليس مع هؤلاء..
الحوار المطلوب؛ هو مع الذي فقد أبسط حقوق المواطنة؛ على يد النخبة الحاكمة، فصار ناقما عليها، وهي لو أعطته حقه، وهي التي لو خدمته حقا، وهي التي لو وفرت له أساسيات العيش الكريم، لكانت قد وفرت على نفسها؛ كثيرا من الارتباك التي وجدت نفسها فيه، وكسبته إلى صفها نهائيا، أينما يكون موقعه من مساحة هذا الوطن، في السهل أو في الجبل، في الهور أو في الزور، ولتفرغت من موقع أقوى، إلى محاورة الذين ذكرناهم من قوى سياسية، ولكسبت كثيرا..
كلام قبل السلام: الألم..هو أن تكتشف أنك كنت ترسم أحلامك لشخص أعمى، وتصف مشاعرك لشخص أصم، وتكتب معاناتك لشخص لا يُجيد القراءة..!
سلام..
https://telegram.me/buratha