المقالات

صحوة الاعلام ومحاكمة الحداثة

1187 2021-11-17

  حافظ آل بشارة ||   سواء كان الاعلام اعلام احتلال او اعلام مقاومة او اعلاما انتهازيا ففي كل الاحوال كانت الهيمنة الأكبر للمتلقي عندما اصبح صانعا للرسالة ، وقد تضائل دور المؤسسة الاعلامية الرصينة . كان الاعلام في القرن الماضي يلبي ميل الناس الى المعرفة وحاجتهم الى متابعة ما يجري وعبر هذه الخدمة يعمل ويرسخ وجوده ، لكنه ينجز دوره من خلال مؤسسة متخصصة ذات رسالة واهداف واسلوب محدد في صناعة الخبر والتحقيق والتحليل والمعلومات والرأي ثم بلورة موقف بمستوى عال من المهنية والتخصص ، لذلك اشتهرت وكالات انباء واذاعات وصحف وقنوات تلفزة دون غيرها لتميزها في اداء دورها الخبري والمعرفي شكلا ومضمونا ، وخلف كل وسيلة اعلام ناجحة تقف دولة قوية ، او حزب عريق ، او مؤسسة قوية ، وكانت وسائل الاعلام تسعى الى اعادة بناء ثقافة المتلقي كما تريد لكنها ايضا تحترم دوره وقناعاته وتنتظر نقده وتقييمه ، اما اليوم فقد مثلت شبكة الانترنيت ثورة رائعة في مجال التواصل والنشر وتداول المعلومات ،  لكن من ناحية الاعلام الالكتروني نجد ان الأمور تسير باتجاه مختلف ، فقد جاء هذا التحول متزامنا مع ظهور اجيال من البشر لا تهتم بالمعرفة ، ولا تهتهم بما يجري ، وهناك وسائل مسخ أخرى موازية احدثت هذا التغيير في اهتمامات البشر ، فاختفت ثقافة النخبة وظهرت بقوة ثقافة القطيع ، واخذ النت يستولي على مساحات الاعلام المهني ويقلب معادلة الارسال والتلقي ليتحول الى اعلام يصنعه المتلقون ، ولأن المتلقي ليس متخصصا ولا حياديا فهو ينتج رسالة اعلامية متدنية شكلا ومضمونا ، فظهرت الفوضى الاعلامية ونشأت صفحات الاثارة والكذب والمبالغة وهكذا فقد الاعلام الالكتروني اغلب عناصر المصداقية ، واذا عدنا عشر سنوات الى الوراء نتذكر ان ظهور الاعلام الالكتروني كان مفاجأة ، خاصة وان الصحف الورقية بدأت تنهي مسيرتها لتتحول الى الصحافة الالكترونية بعد تدني مبيعاتها اليومية ، ولكن الصحافة التقليدية الاصيلة لم تنجح كثيرا في التحول الى النشر الالكتروني وفقدت اغلب جمهورها ، ولم يبق من الصفحات صاحبة المصداقية سوى بعض مواقع المقالات والرأي وبعض مواقع المعلومات الموسوعية خاصة عندما بدأت منصات التواصل الاجتماعي تنمو وتتسع ، اما اليوم فنشهد مفاجأة معاكسة تتمثل ببدء التراجع في شعبية صفحات الاعلام الالكتروني ، فقد اكتشف الجمهور ان هذا النوع من الاعلام لا يمكن ان يستمر ، لأنه ليس اعلاما بالمعنى المهني الذي هو علم وفن واختصاص ، وعندما يأتي الاعلام الالكتروني ليتجاوز هذه الشروط البنيوية فهو سيفشل بالتأكيد ، حاليا تدحرجت سمعة التواصل الالكتروني الى الحضيض حتى اصبح النت يوصف بأنه مكب للنفايات ، فاخذ المثقفون والباحثون عن الاخبار والمعلومات والتحليل والمعرفة يعودون الى شراء الصحف والمجلات المطبوعة ويستمعون الى الاذاعات العريقة على الموجات المتوسطة والقصيرة ، عادوا يبحثون عن الاعلام الذي تقف خلفه مؤسسات متخصصة وليس الاعلام الذي يصنعه اناس غير متخصصين . لم يكن الاعلام الالكتروني وحده قد تراجع بل هناك كثير من الانشطة الانسانية التي جاءت بها الحداثة قد بدأت بالانكفاء والتراجع وعاد جمهورها الى القديم ، لم تعد مكاتب الرئاسة والوزارات والمؤسسات في كثير من الدول تستخدم شبكة النت لارسال او تسلم بريدها العادي لأنها تعده وسيلة غير آمنة ، وعاد الرؤساء والمدراء والمساعدون الاداريون يسجلون ملاحظاتهم بالورق والقلم .  حين نفكر بتطوير الاعلام فعلينا اولا تأطير المبادرة بشرط اساس هو العمل باسلوب المؤسسة التي يديرها فريق متخصص ، ومادامت الحرب حربا باردة فيجب تحصين الخندق الاعلامي وجعل كل القطاعات الاخرى في خدمته ، الاعلام هو المقاتل وهو صانع الثقافة والموقف وراعي المشروع السياسي وهو المدافع امام الهجمات الاعلامية فواجب على الجميع ان يفكروا في تطويره ويقدموا المقترحات والخطط بهذا الاتجاه.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك