المقالات

صحوة الاعلام ومحاكمة الحداثة

1489 2021-11-17

  حافظ آل بشارة ||   سواء كان الاعلام اعلام احتلال او اعلام مقاومة او اعلاما انتهازيا ففي كل الاحوال كانت الهيمنة الأكبر للمتلقي عندما اصبح صانعا للرسالة ، وقد تضائل دور المؤسسة الاعلامية الرصينة . كان الاعلام في القرن الماضي يلبي ميل الناس الى المعرفة وحاجتهم الى متابعة ما يجري وعبر هذه الخدمة يعمل ويرسخ وجوده ، لكنه ينجز دوره من خلال مؤسسة متخصصة ذات رسالة واهداف واسلوب محدد في صناعة الخبر والتحقيق والتحليل والمعلومات والرأي ثم بلورة موقف بمستوى عال من المهنية والتخصص ، لذلك اشتهرت وكالات انباء واذاعات وصحف وقنوات تلفزة دون غيرها لتميزها في اداء دورها الخبري والمعرفي شكلا ومضمونا ، وخلف كل وسيلة اعلام ناجحة تقف دولة قوية ، او حزب عريق ، او مؤسسة قوية ، وكانت وسائل الاعلام تسعى الى اعادة بناء ثقافة المتلقي كما تريد لكنها ايضا تحترم دوره وقناعاته وتنتظر نقده وتقييمه ، اما اليوم فقد مثلت شبكة الانترنيت ثورة رائعة في مجال التواصل والنشر وتداول المعلومات ،  لكن من ناحية الاعلام الالكتروني نجد ان الأمور تسير باتجاه مختلف ، فقد جاء هذا التحول متزامنا مع ظهور اجيال من البشر لا تهتم بالمعرفة ، ولا تهتهم بما يجري ، وهناك وسائل مسخ أخرى موازية احدثت هذا التغيير في اهتمامات البشر ، فاختفت ثقافة النخبة وظهرت بقوة ثقافة القطيع ، واخذ النت يستولي على مساحات الاعلام المهني ويقلب معادلة الارسال والتلقي ليتحول الى اعلام يصنعه المتلقون ، ولأن المتلقي ليس متخصصا ولا حياديا فهو ينتج رسالة اعلامية متدنية شكلا ومضمونا ، فظهرت الفوضى الاعلامية ونشأت صفحات الاثارة والكذب والمبالغة وهكذا فقد الاعلام الالكتروني اغلب عناصر المصداقية ، واذا عدنا عشر سنوات الى الوراء نتذكر ان ظهور الاعلام الالكتروني كان مفاجأة ، خاصة وان الصحف الورقية بدأت تنهي مسيرتها لتتحول الى الصحافة الالكترونية بعد تدني مبيعاتها اليومية ، ولكن الصحافة التقليدية الاصيلة لم تنجح كثيرا في التحول الى النشر الالكتروني وفقدت اغلب جمهورها ، ولم يبق من الصفحات صاحبة المصداقية سوى بعض مواقع المقالات والرأي وبعض مواقع المعلومات الموسوعية خاصة عندما بدأت منصات التواصل الاجتماعي تنمو وتتسع ، اما اليوم فنشهد مفاجأة معاكسة تتمثل ببدء التراجع في شعبية صفحات الاعلام الالكتروني ، فقد اكتشف الجمهور ان هذا النوع من الاعلام لا يمكن ان يستمر ، لأنه ليس اعلاما بالمعنى المهني الذي هو علم وفن واختصاص ، وعندما يأتي الاعلام الالكتروني ليتجاوز هذه الشروط البنيوية فهو سيفشل بالتأكيد ، حاليا تدحرجت سمعة التواصل الالكتروني الى الحضيض حتى اصبح النت يوصف بأنه مكب للنفايات ، فاخذ المثقفون والباحثون عن الاخبار والمعلومات والتحليل والمعرفة يعودون الى شراء الصحف والمجلات المطبوعة ويستمعون الى الاذاعات العريقة على الموجات المتوسطة والقصيرة ، عادوا يبحثون عن الاعلام الذي تقف خلفه مؤسسات متخصصة وليس الاعلام الذي يصنعه اناس غير متخصصين . لم يكن الاعلام الالكتروني وحده قد تراجع بل هناك كثير من الانشطة الانسانية التي جاءت بها الحداثة قد بدأت بالانكفاء والتراجع وعاد جمهورها الى القديم ، لم تعد مكاتب الرئاسة والوزارات والمؤسسات في كثير من الدول تستخدم شبكة النت لارسال او تسلم بريدها العادي لأنها تعده وسيلة غير آمنة ، وعاد الرؤساء والمدراء والمساعدون الاداريون يسجلون ملاحظاتهم بالورق والقلم .  حين نفكر بتطوير الاعلام فعلينا اولا تأطير المبادرة بشرط اساس هو العمل باسلوب المؤسسة التي يديرها فريق متخصص ، ومادامت الحرب حربا باردة فيجب تحصين الخندق الاعلامي وجعل كل القطاعات الاخرى في خدمته ، الاعلام هو المقاتل وهو صانع الثقافة والموقف وراعي المشروع السياسي وهو المدافع امام الهجمات الاعلامية فواجب على الجميع ان يفكروا في تطويره ويقدموا المقترحات والخطط بهذا الاتجاه.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك