د.أمل الأسدي || وقت الظهيرة، الشمس تحس بلهيبنا كما نحس بلهيبها، نزّلوا التابوت، الصراخ يعلو، أمه تصرخ لماذا يارب؟ الجيران يبكون، الدنيا حوله كلها عيون حمراء، ونخيل محنيّ!! هي ذهبت مسرعة الی سلم البيت، وقفت تنظر إليه،كيف كانت تصعده في كل مرة؟ كان عاليا...متعبا.. وهي مثقلة!! بيدها دلو بلاستيكيّ، مليءٌ بالدهن السائح، كلما صعدت سُلَّمة أنزلت الدلو كي تلتقط أنفاسها!! وكلما ارتفعت زادت الظلمة، فستائر الباحة المواجهة للسلّم كانت سميكة جدا، قطيفة سوداء، لايستطيع النهار مواجهتها!! هكذا بمشقة وصلت الی أعلی السلم، أنزلت الدلو علی الأرض، مسحت عينيها بكُمها كي تتضح الرؤية، فالدموع ترفض السكنی ولو لدقائق هاربة من الساعة!! ثقل رأسها، ذاكرتها تترنح بالصور، نظرت الی الأسفل، والدها يقف عند عتبة السلم الأولی، شهقته كانت عالية!! ببطء رفعت الدلو، رائحة السمن تفوح منه، غثيان يقطّع مهجتها، ثبتت يديها علی الدلو جيدا، أفرغت الدهن من أعلی السلم!! ابتلع كل لحظات السلم وتأريخه!! وهي تجهش بالبكاء ووالدها يشهق!! الآن، أدركتْ تفسير رؤياها وعلمت معنی الدهن المسفوح!! فقط وهي تنظر الی تابوت أخيها الذي أعدمه الطاغية!! اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام https://telegram.me/buratha