المقالات

انذار مبكر..!


  محمد عبد الجبار الشبوط ||   ارجو ان لا يكون الانذار الذي يتحدث عنه هذا المقال متأخرا، بل ولا اتمنى ان يكون صادقاً. وارجو ان يكون الخطر الداهم الذي احذر منه مازال في اول الطريق مما يمكن تجنبه وابعاده عن البلد. اما الخطر المقصود فهو امكانية تحول الحكم لدينا الى "ملك عضوض" على يد شخص يجري تصنيعه الان على نهج "عبادة الشخصية" الذي تم اتباعه من قبل صدام حسين حتى انتهى الامر به الهاً اوحدا يعبد من دون الله، وحاكما مستبدا يتحكم بالعباد بدون رقيب وحسيب.  ربما كنا حديثي عهد في مطلع السبعينات حين بدأت عجلة الاعلام البعثي انذاك تتحرك باتجاه خلق "القائد الضرورة" واسباغ كل صفات التقديس والتأليه على صدام حسين، فلم ينتبه الناس الى ذلك، حتى اذا ما تم الامر، كان من الصعب التخلص منه.  اما اليوم، فالخبرة السابقة التي استمرت حوالي ٣٥ سنة، تعطينا القدرة على الاحساس بالخطر الداهم قبل وقوعه، ولدينا من وسائل التعبير ما يمكننا من ايصال التحذير الى الناس بسهولة لم تكن متوفرة انذاك.  كل الدلائل، بما في ذلك مقاطع الفيديو والاناشيد "الوطنية" واللقطات التصويرية، تكشف عن خطوات متسارعة لتصنيع الدكتاتور المستبد الجديد، باستخدام كل ما يوفره الاعلام الحديث من قدرات فنية وتكنولوجية وسرعة على الانتشار، مما لم يكن متوفرا في زمن صدام. فكرة تصنيع القائد الكارزمي ليست جديدة، فعلى الاقل انا اتذكر رواية "المهدي" الصادرة باللغة الانگليزية عام ١٩٨١ باسم The Mahdi للكاتب الروائي Philip Nicholson والتي نشرها باسمه المستعارA.J.Quinnel وقرأتها عام ١٩٨٤ حين كنت مهاجرا في لبنان، وكيف ان المخابرات البريطانية والاميركية والاسرائلية والسوفيتية اشتغلت على تصنيع "مهدي" تتوافق صفاته مع عقيدة المهدي عند المسلمين وذلك لغرض السيطرة عليهم.  لعل نفس الدوائر ما زالت تعتقد ان الشعوب الشرقية/الاسلامية، ومنها الشعب العراقي، تكون اطوع واسهل انقيادا لقائد يتمتع بكاريزما تجعله معبود الجماهير، مرة باسم "الزعيم الاوحد"، واخرى باسم "القائد الضرورة"، وثالثة باسم "..."! ولعلها بناء على هذا الاعتقاد تشتغل الان على تصنيع قائد رمز للشعب العراقي بعد ان فشلت عملية اقامة الديمقراطية في العراق على يد الاحزاب التي تولت السلطة بعد سقوط النظام الدكتاتوري الصدامي. اقول هذا لان كل ما لدي من خبرة في تصنيع عبادة الشخصية على طريقة هتلر وستالين وماو وكيم ايل سونغ وصدام حسين يجري تطبيقها الان حرفيا وخطوة خطوة منذ تشكيل حكومة "الشهيد الحي" الى اليوم. وبناء على هذه الخبرة المحفوفة بالمخاوف والهواجس من اعادة انتاج الدكتاتورية، وهو امر يشكل خطرا بالغاً على كل الامال باقامة  الدولة الحضارية الحديثة، فاني اكرر ما قلته في مناسبات سابقة من التحذير من الدكتاتورية الجديدة التي اخشى من قيامها من جديد.   سيعترض بعض القراء لاسباب شتى، تبدأ من مجرد استبعاد امكانية هذا الخطر لاسباب تتعلق بحسن النوايا وطيبة القلوب، الى اسباب متعلقة بمواقف سياسية او ايديولوجية مسبقة، فضلا عن الاسباب المتعلقة بالمصالح الفردية الشخصية من الوضع الذي يتطور حاليا. لكني اقول ان التحذير من هذا الخطر ليس مضرا اذا اتضح انه انذار كاذب، بينما  استبعاد الخطر سيكون مدمرا اذا اتضح انه  خاطيء. ولذلك فان الموقف العقلائي يقضي بالعمل على التصدي لكل المحاولات الاولية التي قد يشم منها رائحة عبادة الشخصية والدكتاتورية، لأن التأخر في ذلك سوف يجعل من المستحيل ازالة الدكتاتورية بعد وقوعها واستحكامها، وقد نعيد دورة الظلم والاستبداد من جديد. ان مقاومة الخطر في اول حصوله اسهل بكثير من القيام بذلك بعد ذلك.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك