محمد كاظم خضير ||
السياق العام، ليس الهجوم الأمريكي على سفينة إيرانية، مدنية أو حربية والرد عليه من قبل الحرس الثوري الإيراني ، بالحادث الأول من نوعه، وقد لا يكون الأخير.
أما من حيث التوقيت، فالهجمة الأخيرة على سفينة النفط تقول إيران إنها السفينه النفط تابعه لها وتم قرصنتها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ، بدت لافتة، إذ تزامنت مع بدء تصاعد الدخان الأبيض من موائد عودة مفاوضات في فيينا، ولا يمكن فهم هذا العدوان، إلا في سياق «الخربشة» و»التشويش» على مسار العودة للاتفاق النووي مع إيران من قبل أمريكا .
إيران، ما زالت تحتفظ بـ «مقاربة الصبر الإستراتيجي»، أولى أولوياتها، إغلاق ملف الحصار والعقوبات، وهي لن تسمح لأحدٍ بأن يخرجها عن سكة المفاوضات، سيما بعد أن انطلق قطار الوساطة الأوروبية بأقصى سرعته في الأيام الأخيرة، محمّلاً بأنباء سارة لإيران وحلفائها في المنطقة.. هذا يفسر جزئياً. .
من جانب اخر إسرائيل والخليج تراقب من جهة، أداء إدارة بايدن حيال رد على افشال إيران لعملية القرصنه الأمريكي لسفينه الايرانيه وبكثير من الامتعاض والقلق، وقادتها منزعجون من الأنباء التي تتحدث عن تسارع وتيرةعودة لتفاوض لحلحلة عُقد الملف النووي الإيراني، والأجواء الإيجابية التي تغلّف هذه المفاوضات.. بيد أن أمريكا ، وبرغم «عراضاتها» و»استعراضاتها»، أعجز من أن تشن حرباً شاملة على إيران والرد على عمليه افشال القراصنه ،. .
إسرائيل والسعوديه فشلتا من جهة ثانية، في إقناع إدارة بايدن لاستكمال ما بدأته إدارة ترامب: سياسة الخنق الاقتصادي وتكتيك «أقصى العقوبات» و»تصفير الصادرات النفطية»، مع إبقاء «الخيار العسكري» جاهزاً على الطاولة، كما صرّح وألمح إلى ذلك، أركان كثر، من الإدارة السابقة.. الفشل الإسرائيلي في هذا المسعى، يتكرر للمرة الثانية، الأولى كانت في العام 2015 مع إدارة أوباما.
يمكن أن ترد أمريكا على إيران بعد افشال القرصنه ، بـ»حرب استنزاف» ضد إيران: ضربات لأهداف في سوريا والعراق، اغتيالات، عمليات سيبرانية، واليوم «حرب السفن».. بالمعنى التكتيكي، هذا الخيار مزعج لإيران، ومكلف لصورتها ومكانتها، لكن من الناحية الاستراتيجية، خيار لا يعرقل برامج إيران أو يعطل سياساتها في الإقليم.
لانستبعد أن تبادر أمريكا إلى قرصنه سفن ايرانيه ، وأن تلجأ في الوقت ذاته، ولا نستبعد أن يتصاعد الموقف بصورة تؤثر على حرية الملاحة الدولية في البحار والممرات المائية، وربما لهذا السبب بالذات، تحذر الأوساط الأمنية والعسكرية في واشنطن ، من أن «حرب السفن» هي سلاح ذو حدين، وأن إيران بمقدورها أن توجه صفعات كبرى لخطوط التجارة والملاحة الأمريكية .
أغرب ما في أمر الاعتداء الأخير، ربطه بمجريات الحرب على اليمن، ومحاولة أمريكا تقديم عدوانها على سفينة إيرانية في عرض البحر، بوصفه «هدية» لبعض دول الخليج العربية.