ضحى الخالدي ||
بزمن الملعون صدام كانت مدارسنا نفس الشي، لا تختلف عن الآن، ويمكن الآن أحسن.
الشبابيك بلا زجاج ولا ستائر
الرحلات قديمة ومكسرة ،وعلى الأقل مساميرها ظاهرة وتمزق ملابسنا
السبورة الخشبية السوداء أثرية من زمن الرُّقُم السومرية ولونها حائل للأخضر ومحفّرة، طباشير ومسّاحة ماكو.
سلة مهملات ماكو
شمعتين بالصف من أصل ٤ محروگات، وواحدة تلمظ، ومن يدخل الصف يجد نفسه قسراً منتمياً الى قصة أصحاب الكهف.
الصف زبالة يكرم القارئ، لازم الطالبات ينظفوه، لأن الفراشات حايرات يبيعن بالحانوت وخارج الحانوت.
الكتب الجديدة بالواسطات، والما عنده واسطة يستلم كتب قديمة وممزقة.
الصف يحتاج صبغ، ويبقى محتاج
وسقوف بعض الصفوف (تخر) بالمطر
المرافق الصحية في المدارس غير صحية بل (ذلّة) بمعنى الكلمة، وظلت ذلة الى أن تخرجنا من جامعتنا الفقيرة.
حضرنا الدروس العلمية في المختبر كثيراً، لكن أجرينا عدداً ضئيلاً جداً من التجارب نسبةً الى سنوات دراستنا، لأن المواد إكسپاير.
ودخلنا الجامعة وتخرجنا منها، وهم لگينا المواد إكسپاير.
مو مهم تستورد مواد مختبرية للطلبة، حجة الحرب والحصار موجودة، لكن الأهم هو أن تستورد الرخام الإيطالي لفرش قصرك الجديد على ضفاف دجلة.
الشيء الوحيد الذي لا بد أن يُجدّد في كل عام دراسي، أو على الأقل يتمتع بالصيانة الدورية هو صورة المعلم الأول بابا صدام، الذي تسبب بفقدان ما لا يقل عن ١٠٪ -٢٠٪ من بنات الصف ذي الأربعين طالبة لآبائهن، ما بين ضحايا الحروب، والأسرى، والمفقودين، والمعدومين، واللي مات بحسرته على ابنه، واللي انفصل عن زوجته وأطفاله لحمايتهم وهاجر، أو هرب الى المجهول.
ولا أنسى أن أربعين الى خمسة وأربعين طالبة يحشرن في الرحلات كل ثلاثة سوية.
أما ساحة المدرسة فهي الغارقة بالمياه الآسنة طيلة موسم المطر ، تتوسطها سارية العلم ذي النجمات الثلاث قبل أن يتشرّف بلفظ الجلالة، وكان أثرياً من حقبة الرومان بحيث لا يستبدل إلا بعد أن يتمزق ويمتلئ بالتراب والبقع وتضاف إليه نجمات أُخَر من ذرق الطيور التي (توكّر) على قمة السارية أحياناً، لتذكرنا بسيادتنا المنقوصة، وكرامتنا المسحوقة على الأرض تحت نير الجلاد، الذي يصم كل شيعي متدين، أو غير متدين (بالتبعية)
وفوق كل هذا القهر ياخذون رسوماتك للمعرض وتفوز الأول على محافظتك عدّة مرات، وانت مَتدري، وجوائزك وشهاداتك التقديرية عدمن؟ منو استلمهن؟ هم مَتدري!
والمكتبة المدرسية والمناقشات الأدبية ضيم!
والنشرات العلمية عن الذرات والهيكل العظمي وقواعد اللغة العربية لازم بيهه صورة بابا صدام!
قسماً بالله مَشفت صورة أبويه بگد صور صدام
ترجع من المدرسة وتكمل واجباتك، تروح للهول (مو مخيم الهول) تفتح التلفزيون تلگى فريدة محمد علي تقرأ مقام عراقي مدري عثماني لصدام، وتخاطبه: يا نجاوى المحبين!
ألتفت لجدتي رحمها الله مداعبةً:
بيبي.. يعني شنو صدام نجاوى المحبين؟ يعني جدي يگلّچ صدّامتي، وانت تگلليله صدّامي؟!
فتغص بضحكة مكبوتة، وتنهرني:
وِلِچ عيب!!
هذا كله وعيون الرفاق والرفيقات الحزبيين (المو تبعية) تركض وراك!
يبوووووو
لو أحچي كل اللي أتذكره…. مصيبة!
أسكت أحسن لي.
بلا لغة عربية سليمة..بلا خيبة.
https://telegram.me/buratha