واثق الجابري ||
لم يُسعد الكتلة الصدرية حصولها على 73 مقعداً في إعلان النتائج الأولية، فهي لم تصل الى طموحها 100 مقعد، الذي يتيح لها السيطرة في المشهد السياسي، ولو كانت 50 مقعداً أفضل للتحالف مع قوى شيعية أخرى لتشكيل كتلة برلمانية أكبر عدداً، والتحالف مع أغلبية الكورد وأغلبية السنة، بحكومة أغلبية ومعارضة في الحالة الأخيرة.
صدمت نتائج الإنتخابات معظم القوى التي تمثل الأكثرية السياسية والجماهيرية، وولدت جملة إعتراضات ومؤشرات صعوبة رسم خارطة سياسية مستقرة وخدمية وعلاقات خارجية متوازنة، وتمثل الأغلبية المكوناتية، وواجهت الكتلة الصدرية عقبة الكتل الكردستانية، التي تسعى لقرار واحد قبل الذهاب الى بغداد، وإجماع شيعي كوردي على أن العملية السياسية بناء استراتيجي لا تحكمها المرحلية، وهكذا الحال بالنسبة للسنة، الذين يرون ضرورة الإجماع الشيعي، ومن ثم الإنطلاق الى آليات تشكيل الحكومة.
تشكل قبال الكتلة الصدرية تجمع شيعي تجاوز 80 مقعداً، والتحقت به قوى القائمة العراقية والحوار الوطني وبقية القوى المعترضة على نتائج الانتخابات، وقد يشكلون تحالفاً أو كتلة برلمانية أكبرعدداً من الكتلة الصدرية، والأقرب الى القوائم الكردية والسنية، وهذا ما يحرج الكتلة الصدرية، التي وصلت لقناعة عدم إمكانيتها تشكيل حكومة أغلبية أو بناء تحالفات سياسية، وستواجه اعتراضات شعبية وسياسية وأغلبية أصوات انتخابية أو جمهور مُقاطع للانتخابات، حين حصلت على 622 ألف صوت، في حين تجاوزت أصوات المعترضين على النتائج أكثر من مليوني صوت انتخابي، حسب إعلان المفوضية، ولكن القانون وهندسة الصدريين للظفر بالمقاعد مع جمهورهم المنظم الموالي، جعلهم يتفوقون على بقية الكتل في الدوائر الانتخابية، مثلما الأمر صعب عليها، فالأمر ذاته على قوى الإطار التنسيقي، وكلتا القوتين تعتقدان أن الحكومة إذا تشكلت بدون إحداهما فستواجه الجماهير قبل القوة السياسية، ويكون مصير القوى المتصدية الفشل وإسقاط الحكومة مبكراً، وعدم الاستقرار يحسب على الكتل المتصدية.
ليس أمام الكتلة الصدرية طريق سوى العودة للإطار التنسيقي الشيعي أو التنسيق معه لتشكيل حكومة مقبولة من الأطراف كلها، وهذا ما تم الاتفاق عليه قبل الانتخابات، بتشكيل حكومة أغلبية ورئيس الحكومة مقبول من الأطراف كلها دون استثناء، ويعول على شخصيات تكنوقراط عملها البرامج الخدمية بعيداً عن تأثيرات القوى السياسية، مع معارضة، وأن كانت نواتها الحركات الجديدة، فهي أساس لمستقبل أفضل للعملية السياسية، في حال عدم استقطابهم من قبل القوى السياسية، وبذلك يكون البرلمان من قوتين تتنافسان في الأداء والمراقبة.
سيذهب بعض المستقلين باتجاه القوى التقليدية،مرة بقناعتهم ضمن ممكنات السياسة وتقارب البرامج، وأخرى بمحاولات لشراء مقاعد مستقلة بأثمان باهضة، ما يدلل على مخطط كبير لإدارة الفساد وتشويه العملية السياسية، بل حتى إفشال الحركات الجديدة.
في كل الأحوال سيحمل الشعب الكتلة الصدرية مسؤولية كبيرة، سواء شكلت الحكومة لوحدها مع كم التحديات المستحيلة، أو شاركت فيها، فهي لها الحصة الكبرى في الرقابة والتشريع والتنفيذ، إلاّ في حال ذهابها للمعارضة وتقويم العملية السياسية، وهذا غير موجود في أطروحات الكتلة الصدرية الآن، أما القوى الأخرى فهي ما تزال تشك في أصل النتائج الأولية، وحكومة الأغلبية التي تحدثت عنها القوى السياسية قبل الإنتخابات، فالمفترض أن تكون فيها أغلبية شيعية من 100 مقعد و50 لكل من السنة والكورد و10 للأقليات، لضمان التصويت على الرئاسات الثلاث، وهذا غير ممكن أيضاً فلا قوى شيعية تقبل أن تكون مكملة للكتلة الصدرية وتحت سيطرتها، ولا الكتلة الصدرية تقبل تحالفاً يقابلها، وبذلك ستكون الحلول الوسطية حاضرة، والحكومة القادمة توافقية، وتحت عنوان جديد يخرج جميع القوى من الإحراج، ويضعها أمام طريق التوافقية، الذي يقرون بأنه سبب تعطيل كل الأعمال الحكومية والبرلمانية!
https://telegram.me/buratha