محمد عبد الجبار الشبوط ||
الانتخابات، في الفكر السياسي الديمقراطي، هي الية لتداول السلطة سلميا في المجتمع. ومن هنا جاء تعريف الديمقراطية بانها "منظومة اليات محايدة لتداول السلطة سلميا ودوريا عن طريق الانتخابات".
وهي مباراة تنافسية سياسية ودية وليست معركة بين اعداء وخصوم وليس الفوز فيها انتصار بالمعنى العسكري.
وموضوع هذه المباراة هو خدمة الانسان، او المواطن. "وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ".
ذلك ان تعريف السياسة عندنا هي: رعاية شؤون الناس.
ومن اجل تحسين الاداء الديمقراطي الخدمة للحكومة، اقدم في هذه السلسلة من المقالات مجموعة امنيات لي كمواطن، وربما تكون نصائح، ارجو ممن سوف يتولى تشكيل الحكومة نيابة عن الشعب الاخذ بها وتنفيذها.
…….
الامنية الثامنة: تحسين الخدمات
الخدمات الجيدة هي من اهم معالم الدولة الحضارية الحديثة؛ بل ان هذه الدولة في تعريفها العام ليست دولة عقائد وايديولوجيات بقدر ما هي دولة خدمات. لا قيمة لقولنا ان هذه دولة اسلامية او علمانية او اشتراكية او رأسمالية الا بمقدار ما تقدمه من خدمات لمواطنيها. فالخدمات، كما يقول فؤاد بن غضبان، تستهدف "تحسين نوعية الحياة للفرد والمجتمع". ويلاحظ مازن عبد الرحمن الهيتي في كتابه "جغرافيا الخدمات أسس ومفاهيم" ان الخدمات تحظى بأهمية كبيرة ومتميزة من قبل سكان المدن ويعود السبب في ذلك لتزايد حاجة الإنسان لتلك الخدمات وخاصة بعد التطور في مستوى التحضر الذي تعيشه المجموعات البشرية وتطور التقنيات والأساليب المستخدمة في تقديم وتوفير تلك الخدمات فضلا عن اختلاف وتباين مستويات أصنافها في المكان، ونتيجة لتسارع نمو المدن وتطورها وارتفاع مستويات التحضر الذي جعل أمر توفر الخدمات بأشكالها وأنواعها المتنوعة أمرا ضروريا وأساسيا بل أصبح توافرها من مقاييس ومعايير وسمات التحضر الذي تمر به الدول، والمهم في ذلك يجب أن تكون الخدمات بكفاءة وكفاية ونوعية وكمية كمعايير تطور حضاري وتكنولوجي على اعتبار أن المظهرين يرتبطان بأهمية وجودها.
والخدمات هي أنشطة تمارسها الدولة (قطاع حكومي) أو مؤسسات غير الدولة (قطاع خاص) لتوفير منافع معينة لإشباع حاجات ورغبات الناس وتوفير مستلزمات الحياة الأساسية في الكهرباء والصحة والتربية والسكن والطرق ومياه الشرب والصرف الصحي والحدائق العامة والترفيه عن النفس وبقية مفردات البنية التحتية للدولة. ونتذكر ان حكومة نوري المالكي حاولت تحقيق ذلك عن طريق مشروع "قانون البنى التحتية" لكن المماحكات السياسية اجهضت المشروع في مجلس النواب للاسف.
لقد صنفت مؤسسة "ميرسر" العالمية للاستشارات، العاصمة العراقية، بغداد، بالمركز الأخير كأسوأ مدينة للعيش في العالم. وليست بقية المدن العراقية، باستثناء مدن كردستان، بافضل حال من بغداد، ان لم تكن اسوأ.
لذا يتعين على الحكومة الجديدة ان تولي مسألة الخدمات اهمية قصوى لان المواطن الذي مازال يعاني من تردي الخدمات في العراق، وسوء نوعية الحياة في مدنه، لا يتطلع الى شيء اكثر من تطلعه الى تحسين نوعية حياته في مختلف المجالات.
وهذا يتطلب اولا ان تدرك الحكومة ان الخدمات اضحت علما يدرس في الجامعات تحت عنوان جغرافيا الخدمات، geography of services . وهذا يتطلب ان يكون وزراء الوزارات الخدمية وكبار موظفيها من الخبراء المختصين في مجالات هذا العلم المختلفة وليسوا مجرد ممثلين لاحزابهم.
ويتطلب ثانيا وضع ستراتيحية طويلة الامد لتحسين نوعية الخدمات التي تقدمها الدولة، موازية ربما لستراتيجية النظام التربوي الحضاري الحديث، من اجل تحديث كل الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين.
ويتطلب ثالثا توفير او تخصيص المال الكافي لتنفيذ هذه الستراتيجية طويلة الامد.