قاسم العجرش ||
أنجزنا انتخابات فُرضت علينا قسرا، لأنها خارج موعدها الدستوري القريب جدا، ولأنها أتت استجابة لضغوطات خارجية واضحة، ترمي إلى هدم ما تم بناؤه خلال ثمانية عشرعاما من العمل السياسي، ومن المواجهة القوية ضد المؤامرات التي استهدفت العراق كوجود تأريخي.
في هذه الانتخابات التي تحيط بها شكوك بدأت ولن تنتهي، فقد جرى فيها ما جرى، إذ خرجت بنتائج لا تنسجم مع معطيات الشارع السياسي العراقي، ولا مع منطق العقل والأشياء، وبارتباك واضح وبعد يوم واحد فقط من انتهاء التصويت، أعلنت مفوضية الانتخابات نتائج أولية، لتثبت أنها كانت على قدر المسؤولية، لكنها ما لبثت أن حذفت النتائج من موقعها الرسمي، بعد أن كاد الإعلان أن يتسبب بفتنة لا تُبقِي ولا تَذَر..
القصة ليست هنا، ولا أتحدث عن الذي جرى من ترهيب وترغيب، وخروقات بالآلاف، ولا عن التلاعب بالنتائج، ولا عن أعداد أوراق الاقتراع التي أبطلتها المفوضية دون وجه حق، ولا عن عدم تطابق الأشرطة مع النتائج المعلنة، ولا عن غياب الأمن الانتخابي تماما لصالح جهة متنفذة، ولا عن الاستيلاء على مراكز الاقتراع، ولا عن التغييب القسري للحشد الشعبي عن المشاركة بالانتخابات، ولا ولا عن وعن.. سنتحدث عن فرية المسقلين..!
فقد ظهرت قوائم وأفراد موصوفة بالمستقلين، فمن هم المستقلون؟!
إذا شحذنا ذاكرتنا بقليل من الجهد، وإذا استدعينا معلوماتنا القريبة، سنجد أن جميع من نزلوا إلى المعترك الانتخابي لم يكونوا مستقلين قط، فقد كانوا رأيين، وكانوا فاعلين في الوسطين السياسي والاجتماعي، ولا صحة لِادِّعاء أي منهم أنه مستقل، ولو فتحنا سيرهم واحدا تلو الآخر، لاكتشفنا “بلاوي” سوداء، ولَأعدْنا غطاءَ السبتَ تانكْ، بسرعة، فالروائح تزكم الأنوف..!
الحقيقة التي لم تكن صادمة، بل هي أن السياسة تعني سياسة، وأنه لا يوجد في السياسة من هو مستقل، ومن يدعي أنه مستقل فليخبرنا عن هويته، وعن معنى الاستقلال لديه، وعن متبنياته السياسية، وعن أهدافه التي يسعى الى تحقيقها، وسنجد بسهولة أنه منخرط في أتون العمل السياسي، لأنه ينتمي إلى ما يعتنق من رؤى وأفكار سياسية، وإن قال أنه لا ينتمي إلى أي جهة كانت..
بين هؤلاء من تذاكوا إلى حد الغفلة، فمنهم من أسرف بالتذاكي حتى أصبح غبيا، ليس لأنه لم يستخدم عقله بحكمة، بل لأنه غبي صورة وخط وفسفورة من الأساس، ولا حاجة لنا لإيراد أمثلة، فهي صارخة وتكشف عن غبائها الذي هو أحد أهم مواهبها، فالغباء أيضا موهبة..وإلا ما معنى أن ينزل عضو قيادي في تيار سياسي معروف وكبير، على أنه مستقل، ويكتب في أعلى بوستره الإعلاني (المستقل فلان الفلاني) ..ثعبان ينزع جلده في موسم الانتخابات..
لو هو قشمر، لو هو يعتقد أن الناس قشامر.. والقشمرة باتت فنا من الفنون المعترف بها دوليا..والدليل بلاسخارت..!
كلام قبل السلام: الحقيقة مرة أخرى أن المستقلين كذبة ابتدعها من لم يستطيعوا أن يجدوا لهم مكانا بين القوى السياسية الفاعلة، فضلا عن أنهم لا يمتلكون فكرا أو عقيدة يبنون عليها وجودا سياسيا منتجا، لذلك ذهبوا إلى إنتاج كذبة أسمها المستقلون..!
سلام..
https://telegram.me/buratha